المرأة أي وضع وأية حماية
الجمعة، 4 مارس، 2016
-
بقلم: عبد الله أيت سي
وجهة نظر.
يحلنا علينا بعد أيام اليوم العالمي للمرأة بما هو يوم تعمل فيه جميع
الدول على قياس مدى تقدمها او تراجعها في مؤشر إحترام حقوق المرأة ومدى
التزامها بما سطرته من برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية موجهة
للعنصر النسوي .
إذا ما اردت معرفة مدى تقدم مجتمع ما فانظر إلى وضعية المرأة فيه، في
المغرب لاشك أن الدولة مازالت بعيدة عن فرض المساواة بين الجنسين في كل
الحقوق ،مازلنا نرى تمييز وتعنيف وتحرش واغتصاب في جل ربوع الوطن الجريح لا
حاجة لذكر الإحصائيات لأن ذلك كارثي، منذ مدة حاول المغرب أن يضع مدونة
أسرة جديدة متقدمة نوعا ما مع ما كان في مدونة الأحوال الشخصية، وصادق على
إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ،لكنه مازال متحفظا كثيرا
عن بعض بنودها بدعوى مراعاة الخصوصية التي أوصلت اليوم إلى ما تعيشه
النساء من تمييز في كل مناحي الحياة ،وخصوصا اللواتي يعشن إستغلال مضاعف
حسب علاقات الإنتاج القائمة في الدولة ونقصد هنا العاملات في مختلف مجالات
الإنتاج من مصانع وضيعات فلاحية و بيوت و اللواتي يعانين من الإستغلال
المكثف ومن غياب إحترام لقانون الشغل على علته، وهذا ما يعرفه الجميع ،وهنا
لابد من التذكير بالعاملات الزراعيات اللواتي يعانين بشدة بالمقارنة مع
مجالات الإنتاج الأخرى فمن نقلهم في شروط مهينة للكرامة في شاحنات البضائع
وجرارات، إلى الاشتغال تحت البيوث البلاستيكية لمدة قد تفوق المسموح به
قانونيا للواتي لا يشملهن عقود عمل، إلى التعرض لمخاطر الإصابة بكل الأمراض
نتيجة المبيدات السامة المستعملة بكثرة، إلى محطات التلفيف حيث الوقوف
لساعات .
الأمهات العازبات هي صورة أخرى من صور معاناة المرأة في مجتمع لا يرحم ،إن
تسليط الضوء على هذه الفئة ظل طابو بالنسبة للكثيرين، وقلة من ترى إقتحام
هذا المجال هو واجب حقوقي قبل أن يكون أي شيء آخر أو إصدار أية أحكام، لا
يمر يوم دون أن تكون هناك نساء عازبات حوامل قلة منهن يصرحن بذلك خوفا من
الأسرة والمجتمع والنظرة الاحتقارية لهن ،فيظطر غالبيتهن للبحث عن طرق
للتخلص من الجنين الناتج عن علاقة جنسية، تقع في المغرب حالات كثيرة من
عمليات الإجهاض السرية بشتى الطرق مما يؤدي إلى وفيات في النساء والاجنة،
إن غياب قانون الإجهاض يلقي بمزيد من الضحايا إلى قائمته،لأن سنوات من غياب
العدالة الإجتماعية والتفقير والتهميش والأمية وغياب الثقافة الجنسية في
المقررات الدراسية وبرامج اعلامية وعدم اكثرات المجتمع المدني والاحزاب و
مختلف الاطارات بالوضع الذي تعيشه النساء، إن الوضعية الكارثية للنساء
خصوصا الأمهات العازبات يقتضي من القوى الديمقراطية التقدمية المدافعة عن
حقوق الإنسان وعن المرأة العمل أولا على تسليط الضوء على هذه الفئة،
والقيام بدراسات ميدانية ونشر مراكز الإستماع في ربوع الوطن والإستعانة
بالطب النفسي و تكوين متطوعين ومتطوعات في هذا المجال، بل أكثر من ذلك
الظغط بكل الوسائل المشروعة لإقرار حماية قانونية وإجتماعية لهذه الفئة
التي غالبا ما تكون ضحية التغرير والعنف و غياب الوعي حتى يقعن في دوامة من
المعاناة قد تؤدي إلى وضع حد لحياتهن كما فعلت العديدات ولنا في ذلك قصص
كثيرة ،لاشك أن القوى الرجعية التي تحارب بشراسة لكي لا يتم إخراج قوانين
تقدمية تواكب العصر وسرعته وتعالج مختلف إشكالات التي تتعرض لها المرأة من
منطلق علمي، هذه القوى التي تعتبر هذا المجال خطا أحمر ما هي إلا خوفا على
تحرر المرأة من قبضتهم وبالتالي نهاية استغلالهن بكافة الطرق .
إن المغرب الذي يمتد تاريخه إلى الآلاف من السنين شهد مساهمة كبيرة للمرأة
حتى في الحكم وفي مختلف أنواع وميادين الحياة من السياسة والعلوم والآداب
والفنون ،يحاول التكتل الطبقي المسيطر و حلافائه من القوى الرجعية المعادية
لحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها ،أن تلك القوى التي تحاول اليوم أن
ترجع بالمجتمع إلى قرون مضت بواسطة فرض الوصاية المطلقة على المرأة ومنعها
من إطلاق ملكاتها الإبداعية هدفها الأساسي هو خدمة مصالحها الطبقية وليس
شيئا آخر مما يتبجحون به من منطلقهم الرجعي للحفاظ على وضعية المرأة الحالي
.
إن اليوم العالمي للمرأة بما هو يوم أتى من تاريخ نضالي لعاملات ضحين
بدمائهن الزكية من أجل حقوق استفاد منها حتى الرجال ،كثير من الثورات لعبت
فيها المرأة إلى جانب الرجل دورا في تحرير مجتمعات من الطغيان ،وهنا استحضر
واقعة في الثورة الفرنسية حينما قادت نساء مسيرة في اتجاه قصر لويس الرابع
عشر وفرضن أن يتحاور معهن ،في المغرب لا يمكن إلا أن ننحني ونرفع القبعة
للمرأة المغربية التي تناضل في الميادين من أجل الحرية والكرامة والأمثلة
كثيرة جدا ،في المقابل لا يسعنا سوى أن نسجل بؤس النضال النسائي البرجوازي
وعدم استطاعته أن يترواح قيد أنملة من مكانه إلا بمناسبة كل 08 مارس من كل
سنة، ،في المقابل نحي عاليا مناضلات يشهد لهم العدو قبل الصديق بشراستهن في
الدفاع عن قضايا وهموم الجماهير الشعبية الكادحة ،إن قضية المرأة قضية
طبقية بدون تحرر المرأة من قيود الأسرة البطريكية والاستغلال البرجوازي
لايمكن للمجتمع أن يتحرر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق