الأحد، 31 يوليو 2016

جنازة الفقيد ادريس ابا عقيل

الكلمة التأبينية التي ألقاها الرفيق محمد الصابري
باسم أصدقاء ورفاق الفقيد ادريس باعقيل
سلام عليك أيها اليسار المغربي
سلام عليكم أيها المناضلون التقدميون
سلام عليكم أيها المثقفون والشعراء والفنانون
سلام عليكم أيها السياسيون والمربون وأيها الأحباب والأصدقاء
كلنا نرد السلام ونقول عليك السلام أيها المناضل/الصامد/الشامخ/ المتواضع/ الموزع للابتسامة والمحبة على الجميع.
ها أنت قد جمعت بوفاتك كل أطياف اليسار حولك، وكلها تبكيك وتتأسف على رحيلك العاجل، ليضع الموت/القدر نهاية لحياة كلها عشق للشعب ولقضاياه.
أديت ضريبة الاعتقال من أجل مبادئك وعمرك 16 سنة الا ثلاثة أشهر، تهمتك النقابة الوطنية للتلاميذ. كنت مناضلا مؤسسا لمنظمة 23 مارس وبقيت تدافع عن خطها بالقطاع الطلابي. لعبت دورا فعالا في لم شمل جزء من اليسار المغربي في إطار الحزب الاشتراكي الموحد.
أيها الرفيق، يا أب ياسمينة ذات السنتين ونصف... يا محبوب الجميع، حضورنا يشهد اللحظة على تشبتنا بمحبتك وعشقك وتوجيهاتك ونضج فكرك وأساسا انسانيتك الرائعة وحبك للإنسان ولكل ما هو جميل.
وداعا أيها الانسان، فلا تخف على حلمك والذي ضحيت من أجله، فالأمل حاضر بحضور أمثالك من أجل بناء مجتمع أحسن تسود فيه الكرامة وحقوق الانسان.
وداعا، وداعا. نشد على يديك وعزاؤنا جميعا فيك.
بكيناك وسنبكيك وكل الأسف لفقدانك.

.......................

وداعا الاستاذ ادريس باعقيل
MUSTAPHA LALOUANI·SAMEDI 30 JUILLET 2016
بقلوب دامية وعيون دامعة وحسرة ما عليها من مزيد ، تلقى رفاق ورفيقات الاستاذ ادريس باعقيل ،خبر وفاته المفجع على اثر حاثة سير مميتة بالقرب من محل سكناه بحي المعاريف. ادريس باعقيل الذي اشتغل قيد حياته استاذا للغة العربية ثم استاذا متميزا للفلسفة ثم حارسا عاما فناظرا بثانوية الخنساء التاهيلية بمدينة الدارالبيضاء الى ان وافته المنية. التقيت الرفيق ادريس سنة 1976 بثانوية الادريسي الحرة التي كان يديرها الفقيد الحسين كوار بدرب المتر بحي درب السلطان الفداء ، وكان ادريس قد عانق للتو الحرية بعد تجربة اعتقال سياسي مريرة دامت سنة ونصف ما بين معتقل غبيلة ومعتقل عين البرجة. كان قد اعتقل الرفيق ادريس يوم السبت 23مارس 1974 على اثر مشاركته ضمن النقابة الوطنية للتلاميذ في اضراب بطولي بثانوية الخوارزمي حيت كان تلميذا بالسنة الاولى ثانوي . وبعد الحصول على شهادة الباكالوريا بثانوية الادريسي الحرة التحقنا جميعا بكلية الاداب الرباط شعبة الفلسفة ، وشاركنا الرفيق معركة رفع الحظر عن المنظمة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، وكانت له مساهمة مشهودة في مناهضة الاصلاح الفوقي الذي فرض على الجامعة. وكان من منسقي اللجنة المؤقتة التي كانت تمثل طلبة كلية الاداب قبل انعقاد المؤتمر 16 الذي شاركنا فيه جميعا كملاحظين . وكان الرفيق ادريس عضوا نشيطا في نادي العمل السينمائي وفي مجموعات عمله نهاية السبعيناتـ، قبل ان يلتحق بعد حصوله على الاجازة في السوسيولوجيا كاستاذ بمدينة دمنات حيث واصل عمله بالنادي السينمائي هنالك. الى ان عاد الى مدينة الدارالبيضاء اواسط الثمانينات ليلتحق بداية التسعينات بالتدريس الثانوي كاستاذ للفلسفة تميز بين زملائه بكفاءته المثلى وتفانيه في عمله. كان الاستاذ ادريس باعقيل مثقفا عضويا متابعا للفكر وقارئا نهما وعميقا وظل وفيا لمبادئه التقدمية بل انه شارك بفعالية في المؤتمر التاسييسي لحزب اليسار الاشتراكي الموحد - الحزب الاشتراكي الموحد حاليا ضمن تيار الفعاليات المستقلة . هي فقط نبدة مقتضبة من وحي الذاكرة نتمنى ان يغنيها رفاقه ورفيقاته تحية لروحه الطاهرة وهو الانسان الذي ظل وفيا للصداقة وللمبادئ السامية بابتسامته الاثيرة وذماثة خلقه التي لا تضاهى رحم الله ا دريس باعقيل رجل التعليم المثالي والمناضل والانسان الطيب وعزاؤنا واحد فيه ولاسرته الكبيرة والصغيرة ولابنته التي رات النور في مطلع الربيع العربي واختار لها من الاسماء ’’ ياسمين ’’
.....................

بقلم هادي معزوز في رثاء ادريس باعقيل
إدريس ها قد وضعوا جسدك الطاهر تحت التراب. ها هو اليوم يعيش ما تبقى له من دونك يا إدريس. كم بكيتك حتى جفت عيوني طمعا في استردادك.. دون جدوى.. أعود إلى صورتك فيزداد انقباض قلبي انقباضا.. دون جدوى.. أتذكر نظرة ابنتك الصغيرة.. وصوتك عندما كنت تصافحني: أهلا با هادي.. وهدوؤك الساطع نوره دوما.. دون جدوى.. ماذا عساني أفعل وقد افتقدت صديقا من طينة ناذرة جدا.. هل أقارع وأعاقر ما تبقى من كؤوس العالم برمته؟ أم أصرخ عاليا: إدريس اغتالته أيادي الرعونة.. أم أجري وأجري ثم أجري حتى أخرج بدوري عن حيز الوجود.. هل تكفيني هاته الكلمات في حقك؟ قطعا لا.. وهل يلعب النسيان لعبته مستقبلا؟ أبدا لا؟ وهل يعقل أن تغيب بهاته السرعة..وتختطف.. ؟ بطبيعة الحال لا.. فنعم الرجل كنت.. وخير الصديق ستبقى.. آه كيف لي أن أدخل الثانوية وقد كنت حريصا على زيارتك كل يوم والاطمئنان عليك.. أين القلب الذي سيقودني إلى الطابق الاول من الإدارة..؟وأيت الإرادة التي ستحملني أنا الآخر على نعشها كي أطرق الباب حيث تجلس أمام الحاسوب.. ثم تريني مقالا فلسفيا فتبدأ القراءة ثم النقاش.. لماذا أنت بالضبط يا إدريس؟ وكيف يعقل أن تختطف مني ومنا بهاته الطريقة؟ أي طريق وأية لحظة هي التي حملتك حيث اختفيت؟ وهل في اختفاءك تذكر أم استذكار للتذكر أم نسيان للتذكر؟ أحس بيدي يتيمة لأنها لن تصافحك بعد اليوم.. بتلك الحرارة المعهودة وذلك الألق البهي.. ببسمة ما فراقت ثغرك قط من الكلمة إلى الكلمة.. ومن الإحساس إلى الإحساس.. عفوا من الذكريات.. من صورتك التي في ذهني.. ومن صورتك التي في ذهن التاريخ المشترك.. آه من قلبي المنقبض الذي ضاق بي ضيق شساعة الصحراء لمسافر تاه عن طريقه وما عرف موضعه.. أحبك يا إدريس أولا وأخيرا.. ماضيا ومستقبلا.. هنا وهناك.. ذكرى وثورة.. غضبا واندفاعا.. صمتا ولغة.. معنى وعبثا.. بكل التفاصيل الطويلة منها والمخطوفة.. فلترقد صديقي واعلم أنك تركت فراغا كبيرا كبيرا جدا لن يملأه أحد مهما علا شأنه أو قصر.. فلترقد هناك وأنت الكبير الشامخ الذي إذا انهار ازداد شموخه.. وإذا شمخ ازداد حكمة على طريقة الإغريق.. أرقد لأنك ستبقى حيا لن تموت مادمنا نحيا.. أرقد يا إدريس حيث لن نرقد إلا إذا تحقق لنا ما نصبو إليه.. جماعة وفرادى.. فرادى وجماعة.. أرقد يا إدريس فصمتك لن يكون باردا وإنما هو الطوفان بعينه.. أقول لك كل هذا وأقول لك أن اللغة لن تستطيع أن تعبر على تضاعيف التضاعيف.. كنت المحبة يا ‘دريس وستبقى كذلك.. كنت التاريخ وستبقى كذلك.. وكنت السؤال بشكله الفلسفي وستبقى كذلك.. كنت الكلمة والمعنى.. كنت اللحن وعذب الكلام.. كنت الحكمة الخفيفة وكنت ثقيل الحرف.. كنت المغامرة والثورة.. كنت الحلم وستبقى الحلم.. ستبقى كما أنت خفيفا كالريشة التي لا تلعب بها الرياح.. ثقيلا كالجبل الذي يرقص كلما هبت عليه الرياح.. القلب جريح جدا.. إذ بدونك لا معنى لأي شيء.. وهاهو اليوم يعيش بدونك يا إدريس.. والأرض تدور بدونك.. والسحب تسير في غيابك.. والليل يأتي وانت لست هنا.. والنهار اختفى دون أن يراك.. كل الأشياء ثابتة في مكانها.. ومكانك قصي عن كل تطفل.. نم يا حبيبي واعلم أن حبنا لك لن ينام.. مادمت إدريسنا الاول وإدريسنا الأخير..
............................