هيومن رايتس ووتش تطالب بالتحقيق في تعنيف الأساتذة المتدربين وتجنب القوة المفرطة
صدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الدولية تقريرا أسودا عن مجزرة "الخميس
الأسود"، التي ارتكبتها السلطات المغربية في حق الاساتذة المتدربون عند
مطالبتهم باسقاط المرسومين الوزاررين المشؤومين تحت عنوان: "تفريق مظاهرات
الأساتذة المتدربين في المغرب بعنف" حيث جاء في التقرير مايلي:
ان
الشرطة المغربية هاجمت وضربت أساتذة متدربين تظاهروا سلميا في 7 يناير
2016، ما تسبب في جرح العشرات، وأصيب بعض المتظاهرين بجروح خطيرة في الرأس
تطلبت عناية طبية طارئة.
خرج
الأساتذة المتدربون إلى الشوارع في 6 مدن "الدار البيضاء، مراكش، إنزكان،
طنجة، فاس، ووجدة " بعد الدعوة التي وجهتها "التنسيقية الوطنية للأساتذة
المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين" في المغرب، للاحتجاج
وطنيا ضد مرسومين جديدين يقلصان منحتهم وضمانات توظيفهم. قال شهود لـ
"هيومن رايتس ووتش" إن الشرطة في إنزكان هاجمت المتظاهرين السلميين بهراوات
مطاطية، وعصي خشبية، وفي بعض الحالات رمتهم بالحجارة.
قال إريك غولدستين،
نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "ضرب المتظاهرين السلميين
بالهراوات ورميهم بالحجارة يقع خارج نطاق الوسائل المشروعة لتفريق مظاهرة
سلمية، وعلى السلطات المغربية ضمان أن قوات الشرطة والأمن لا تستخدم عنفا
لا لزوم له ضد المتظاهرين، وأن تحاسب أي شخص يقوم بذلك".
استمرت الاحتجاجات في إنزكان ومدن أخرى، لكن لا توجد تقارير عن أعمال عنف خطيرة منذ 7 يناير الجاري.
تحدثت
هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف يوم 11 يناير الجاري، مع اثنين من المتظاهرين
المصابين في إنزكان (مدينة متوسطة في جنوب غرب المغرب)، حيث كان رد الشرطة
عنيفا بشكل خاص. كما راجعت "هيومن رايتس ووتش" فيديوهات وصور شهادات طبية
للمصابين. حيث قال الشهود إن الشرطة، بزي رسمي ومدني، فرقت دون أي تحذير
عدة مئات من المحتجين تجمعوا أمام مركز إنزكان الجهوي للتربية والتكوين،
وركلت المتظاهرين وضربتهم بالهراوات المطاطية، فأصابت العشرات.
وفي 9 يناير الجاري، أعلن عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، فتح تحقيق في اضطرابات 7 يناير الجاري. في بيان
في اليوم نفسه، قلّلت وزارة الداخلية من عنف الشرطة. بينما اعترفت الوزارة
بـ "وقوع إصابات خفيفة" و"حالات إغماءات" في صفوف المتظاهرين، دافعت عن
تدخلها بدعوى أن الاحتجاجات "لم يتم الترخيص لها من طرف الحكومة".
قال
منظمو الحركة (التنسيقة الوطنية للاساتذة) على الصعيد الوطني لـ "هيومن
رايتس ووتش" إنهم لم يُخطروا رسميا السلطات بالاحتجاجات لأنهم كانوا على
يقين بأن الحكومة لن تمنحهم الموافقة. بموجب القانون المغربي، منظمو
المظاهرات في الشوارع العمومية مطالبون بإخطار السلطات الإدارية المحلية
قبل 3 أيام على الأقل من المظاهرة، والحصول على تصريح بالموافقة مختوم من
طرف السلطات.
قالت
هيومن رايتس ووتش إنه في حين تسمح المعايير الدولية للشرطة بتفريق
المتظاهرين إذا كانوا يعرقلون حركة المرور، أو يهددون النظام العام، وإذا
كان المتظاهرون يرفضون أوامر التفريق، على الشرطة استخدام الحد الأدنى من
القوة اللازمة لتحقيق الهدف المشروع. تشير الأدلة التي جُمعت إلى أن الشرطة
استخدمت القوة المفرطة في إنزكان إلى حد كبير.
قال
شهود في إنزكان إن عدة مئات من المتظاهرين، معظمهم من الأساتذة المتدربين،
ولكن أيضا أفراد الأسر ونشطاء نقابيون، تجمعوا صباح 7 يناير/كانون الثاني
أمام المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين في المدينة. يقلص أحد المرسومين
اللذين كانوا يحتجون ضدهما المنحة الشهرية للمتدربين من 2454 درهما إلى
1200 درهم (من 245 إلى 120 دولارا أمريكيا)، في حين أن الثاني يقلل ضمانات
العمل لدى وزارة التربية الوطنية للمتدربين الذين أنهوا التدريب.
أوضح
الشهود أن رجالا يرتدون ملابس مدنية تتبعوهم في طريقهم إلى المركز، وهم
يشتمونهم ويحاولون ثنيهم عن الانضمام إلى الاحتجاج. عندما تجمع كل
المتظاهرين أمام المركز، في ساحة تُستخدم عادة كموقف للسيارات ولكنها كانت
فارغة يومها، أغلقت الشرطة جميع المنافذ المؤدية إلى المكان.
قالوا
إن المتظاهرين، حوالي الساعة 10:30 أو 11 صباحا، بدأوا يرددون شعارات وبدأ
البعض في القفز صعودا وهبوطا في انسجام تام. وعندما اقترب بعضهم من طوق
الشرطة، بدأت الأخيرة بضرب المتظاهرين. قالوا إن المواجهة استمرت حوالي
ساعة ونصف.
وفقا لـ "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، أسفر تدخل الشرطة عن 100 مصاب في إنزكان، و20 في مراكش، و8 في طنجة، و40 في الدار البيضاء، إصابات بعضهم خطيرة.
وصف
الصابري الخمار، 26 عاما، أستاذ فلسفة متدرب، المشهد في مقابلة يوم 11
يناير الجاري: "كان تدخل الشرطة مفاجئا لأنه لم يكن هناك أي تحذير مسبق.
جلس بعض المتظاهرين منا الذين كانوا في المقدمة على الأرض، بينما ركض غيرهم
نحو داخل مركز التدريب في إنزكان، ولكن ضرب الشرطة استمر بشكل عشوائي
وعنيف".
كانت
هناك متدربة، تعرضت لضرب مبرح على الرأس والكتف وعلى صدرها، والدم ظاهر
على رأسها. حاولتُ حملها بعيدا، ولكن ضُربتُ على كتفي، ولم أستطع حملها. ثم
حاصرني 5 رجال شرطة، وضربوني بالعصي، وركلوني على جسدي والكتفين القدمين.
ركلني أحدهم على خصيتي. بالكاد أستطيع المشي. نقلتُ إلى مستشفى إنزكان في
سيارة إسعاف، وفقدت البصر لبضع ساعات. فنقلتُ إلى المستعجلات في مستشفى
الحسن الثاني بأكادير، لكن بعد ليلة واحدة في المستشفى، أجبرونا على
المغادرة لأنهم تلقوا تعليمات من الشرطة.
قال
رشيد (26 عاما)، وهو أستاذ متدرب آخر طلب الكشف عن اسمه الأول فقط، إن
الشرطة ضربته حتى فقد وعيه. وقال أيضا إنه رغم تواجده في الخطوط الأمامية
للاحتجاج، لم يسمع إصدار مسؤولين أمنيين أي تحذير قبل البدء في تفريق الحشد
بعنف:
كانت
الشرطة تحيط بنا من كل الجوانب عندما بدأوا في ضربنا بشكل عشوائي. بعد
ذلك، لا أستطيع أن أتذكر تفاصيل ما حدث لي. كل ما أتذكره هو أنني، وبينما
كنت أحاول العودة إلى مركز التدريب، فقدت الوعي.
في
نهاية المطاف نقلتني سيارة إسعاف إلى المستشفى، ولكن فقط بعد أن نقلت
الحالات الخطيرة. في مستشفى إنزكان، اكتشفت أنني تعرضت للضرب على الرأس
ويدي اليمنى. نقلتُ إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير، حيث قضيت ليلة واحدة
قبل أن أغادر. أنا واثق من أن رجال الأمن ضربوني، ولكني لا أعرف من بالضبط.
يبدو أن مقاطع الفيديو والصور والشهادات الطبية للضحايا التي راجعتها هيومن رايتس ووتش تدعم روايات الشهود. يُظهرشريط فيديو
لاحتجاج إنزكان، نشره "رصد المغرب"، عناصر مكافحة الشغب يحملون هراوات
مطاطية ودروع، وهم يضربون محتجين يحاولون البحث عن ملجأ في مبنى مجاور.
وتظهر
صور وفرها نشطاء، شرطيا يرتدي عتاد مكافحة الشغب وهو يضرب امرأة ترتدي
حجابا أحمر ومعطفا أبيض بهراوة، بينما هي جالسة على الأرض. وتظهر صور أخرى
المرأة نفسها، والتي تبين لاحقا أنها لمياء الزكيتي، أستاذة متدربة، بعد
الاحتجاجات ووجها ورأسها مليئين بالدماء، بينما يميل غيرها من المحتجين
وطاقم طبي نحوها. وتشير الشهادات الطبية التي وفرها نشطاء إلى أن العديد من
المتظاهرين يعانون من صدمات، منها إصابات في العمود الفقري وكسور وإصابات
في الوجه والرأس.
تحصر
المعايير الدولية لحقوق الإنسان استخدام القوة من قبل الشرطة في الحالات
التي تكون فيها ضرورية بشكل خاص. تنص مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن
استخدام القوة والأسلحة النارية على أن مسؤولي إنفاذ القانون قد يلجأون إلى
القوة فقط إذا كانت الوسائل الأخرى غير فعالة، وفقط بالقدر اللازم لتحقيق
المقصود، أي النتيجة المشروعة.
بموجب
المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، السلطات
المغربية مطالبة باحترام الحق في التجمع السلمي، ويمكن أن تفرض قيودا
متناسبة على المظاهرات لـ "صيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام
العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين
وحرياتهم". قال الخبير الأممي بشأن حرية التجمع إن هذا ينبغي أن يعني أنه
على الدول ألا تطلب من منظمي المظاهرات الحصول على إذن مسبق، ولكن فقط
بإخبار السلطات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق