السبت، 18 يونيو 2016

مطلب إصـــلاح القضاء بالمغرب ملح ومستعجل ــ عبدالمالك حوزي ــ

مطلب إصـــلاح القضاء بالمغرب ملح ومستعجل
إن قرار محكمة النقض الذي أجاز التعـــدد لرجلٍ بدعوى أن زوجته الأولى لا تلــــد إلّا البنات . يضع الحركة الحقوقية والنسائية وكل المجتمع المغربي أمام تحدٍ كبير . يتمثل في كون الفساد بالقضاء أصبح مركبا ، و انتشر بشكل فتاك بكل الجسم القضائي ببلادنا . ولم يعد محصورا على الرشاوى والأحكام الصـــورية وغياب المحاكمات العادلة ... بل تعـــداه الى تقديرات فقهية للقضاة تنهل من التخاريف . وتحتقر المرأة في مجتمعنا وتنم عن جهل بالعلوم ، ولا تمت للعصر والعلم بصلة .
فقبل أن تغرق سفينة القضاء كليا في بحر الظـــلام . بسبب انغلاق جل القضاة على ثقافة محددة وسيادة سلوكيات مشينة تسيء الى العدالة .... و قبل أن يتدعشن القضاء وتبدأ محاكمه في إصدار أحكامٍ بقطع يد السارق والجلد ... مقابل العفو عن الناهبيــــن والمفترسين الكبار ... لم يبق من خيار أمام الأحرار في هذا البلد إلا أن يزيــــدوا ويضاعفوا من نضالاتهم من أجل تطهير القضاء وإصلاحه . وهو الحقل الذي قال عنه تشرشل: " إذا صَلُح القضاء في مجتمع ، صلح كل شيئ . واذا فَسُدَ، فسد كل شيئ " .
فإصلاح القضاء في بلادنا لا بد أن يمر عبر بوابة تشمل عناصر متكاملة ومترابطة ومتلازمة . لا يمكن الاستغناء عن أي قطب منها . نذكر :
01 ـــ " استقلال القضاء " عن الداخليـــــة وعن كل التعليمات أنما كان مصدرها .
02 ـــ " استقـــامــة القضاة " بكَفِّهِم عن الرشاوى والتدليس والظلم ...ومساهماتهم في تخليق الحياة العامة في المجتمع .
03 ـــ " تنمية القدرات والمهارات الشخصية للقضاة "بحيث لا يجب أن يبقى فقههم منحصرا على " شريعة إسلامية " و" نصوص قانونية " بل يخرج لينهل من كل الثقافات و العلوم الانسانية والاجتماعية والطبيعية .
فقرار محكمة النقض الذي بين أيدينا ينم عن جهل مركب لدى القاضي بأبسط مبادئ العلوم والحياة. وهو ما يجعل منه قرارا معيبا يُشين للعدالة ومطعونا فيه علميا وقانونيا .
فأثناء التخصيب يكون الرجل هو المسؤول عن تحديد جنسَي الذكر و أنثى ، وليســـت المرأة . لأن المرأة تقدم بويضات محتوية كلها على الكروموزوم الجنسي " X " . فإذا كان الحيوان المنوي للرجـــــل في عملية التخصيب تلك يحمل الكروموزوم '' X '' تكون المولودة أنثى. أما إذا كان يحمل الكروموزوم " Y " فينتج عن ذلك ولادة ذكر .وبذلك تكون كروموزومات الرجل بنوعيها " X و Y " هي من تُحدِّد . وليست كروموزومات المرأة .
أذكر لمَّا تعرفت بالثانوية على هذه المعلومة العلمية البديهية . خلقنا جدلا بين زملاء الفصل حول المُحدِّد والمُحدَّد في الجنس . أيكون الرجل أم المرأة...وكنت أستدل بقصة الأصمعي التي يرويها عن رجل في الجاهلية إسمه أبو " الذلفاء " . وهو الرجل الذي كانت زوجته لا تلد سوى البنات ...و أثناء إحدى الولادات ، غضب واعتكف في غرفة مجاورة ..فنظمت له الزوجة شعرا تقول فيه :
ما لأبي الذلفاء لا يأتينا.... يظل في البيت الذي يلينا
أيغضب إن لم نَلِدِ البنينا ؟؟... " إنما نُعطي الذي أعطينا "
و حين سمع هذه الأبيات عاد الى رشده وتصالح مع زوجته واعتذر لها . وصار المثل القائل : " إنما نعطي الذي أعطينا " متداولا بين الناس . و بطبيعة الحال كنا ننقسم في إجاباتنا عن تحديد جِنْسَيْ الذكر والانثى ؛ بين من يقول أن الله هو المحدد وآخر يعلل بأن الكروموزوم الجنسي للرجل هو الحاسم النهائي في هذا التحديد ؟؟
واليوم سواء أسندنا ذلك الى الله أو الى العلم. يبقى القضاة في مجلس النقض بقرارهم الذكوري المتخلف هذا ، في حالة شرود قانوني وعلمي فاضح و بيِّن .
فمن أجل قضاء عادل ونزيه ، تكون الحاجة ملحة الى رياح العلــوم والاستقامة والاستقلال . لتهب خصوصا على عقول قضاة مجلس النقض الموكول اليهم مراقبة المحاكم والأحكام وتطبيق القانون وتصحيح الأخطاء...
ــ عبدالمالك حوزي ــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق