الجمعة، 19 أغسطس 2016

المسكوت عنه في مصداقية الانتخابات بين المشاركة و المقاطعة...عبد الرحمان الغندور

المسكوت عنه في مصداقية الانتخابات بين المشاركة و المقاطعة
المسكوت عنه في مصداقية الانتخابات بين المشاركة و المقاطعة

المسكوت عنه في مصداقية الانتخابات بين المشاركة و المقاطعة

عبد الرحمان الغندور
لو أن ما يسمون فاعلين سياسيين، أحزابا و نقابات و جمعيات سياسية، كانوا يومنون حقا بمبدء المواطنة و حق الناس في الاختيار الديمقراطي الحر و النزيه، لو كانت ثقافتهم السياسية ديمقراطية حقا، لعملوا على سن تشريعات متوافق عليها تحترم كل التعبيرات السياسية  لكل المواطنات و المواطنين.
حين كانوا يناقشون مبدء العتبات الانتخابية بين الرفع منها أو تقليصها، لم يكن يهمهم سوى أوضاعهم الحزبية بين الضعف و القوة، و بين التقلص و الامتداد. و لم يكن يشغل بالهم مطلقا مواقف المواطنين و المواطنات غير المتحزبين و هم الأغلبية الساحقة في الشعب المغربي، و أغلبية المسجلين في اللوائح الانتخابية.
من ذلك على سبيل المثال، أن لا أحد منهم طرح عتبة مشاركة الناخبين و الناخبات في عملية الاقتراع. فالمواطنة تعني أن مقاطعة الانتخابات هي تعبير سياسي لا يقل عن المشاركة فيها. و بالتالي لا بد من تحديد عتبة للمشاركة كي تعطي مصداقية للعملية الاقتراعية. على أساس أن تلغى هذه العملية برمتها إذا لم تصل المشاركة الى هذه العتبة. و لتكن على الأقل 50 في المئة من عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، و بهذا نضمن حدا من المصداقية لهذه الانتخابات.
في  الاستحقاقات البرلمانية الأخيرة التي جاءت مباشرة بعد دستور 2011 بلغت نسبة المشاركة 45.40 في المئة، بمعنى أن المقاطعة كتعبير سياسي أو لأسباب أخرى، بلغت 50.60 في المئة، أي الأغلبية، و مع ذلك تم اعتبارها نسبة مهمة قياسا 37 في المئة التي عرفتها استحقاقات 2007.
 إن دلالة هذا الطرح تعني سياسيا أن الحكم في المغرب يعود دائما للأقلية، بسبب ضعف نسبة المشاركة، و بسبب تجاهل الفاعلين للمقاطعة كتعبير سياسي. لذلك لا بد من تقنين مصداقية و نجاعة الفعل الانتخابي بتحديد عتبة المشاركة، و بإلغاء الانتخابات احتراما لمواطنة الأغلبية المقاطعة، و الشروع في إعادة تأهيل الحقل السياسي بفتح حوار وطني واسع لفهم دواعي المقاطعة، و الاستماع إلى مطالب المقاطعين و العمل على تلبيتها لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، و إعادة الاعتبار للسياسة كفعل نبيل و كخدمة عمومية مواطنة، لا كسلم للترقي الاجتماعي و الاقتصادي لكتلة المنتخبين على حساب أغلبية الناخبين.
و يتجلى المثال الثاني حتى في حالة المشاركة، في نسبة الأصوات الملغاة قياسا بالأصوات المعبر عنها.
وهذه النسبة ما فتئت ترتفع من استحقاق لآخر، و هي بدورها تعبير سياسي ناضج عن رفض اللوائح المعروضة أمام الناخبين. مما يستدعي أيضا تحديد عتبة الأصوات الملغاة في نسبة معينة، تكون سببا في الغاء الانتخابات في الدائرة إذا لم تصل نسبة الأصوات المعبر عنها الى العتبة المحددة. و في هذا احترام لإرادة الناخبين و تأكيد لمشاركتهم المواطنة بالتعبير عن رفضهم للأحزاب المتنافسة أو لمرشحي اللوائح المعروضة .
تأهيل الحقل السياسي، لا يمكن أن يتم بدون جعل المواطنة  بكل تعبيراتها السياسية، المشاركة إيجابيا، و المشاركة الرافضة، و المقاطعة للعملية الانتخابية برمتها.
نعم للمشاركة في الانتخابات حين تكون مشروطة بعتبة يجددها القانون، تحت طائلة الإلغاء.
نعم للمقاطعة كتعبير سياسي حين تكون مشروطة بنسبة يحددها القانون تمكن المواطنات و المواطنين من التعبير عن رفضهم الحضاري للسياسات و الاساليب الحاكمة.
نعم للمشاركة السلبية عبر  الأصوات الملغاة كتعبير محلي عن رفض العرض الانتخابي المقدم.
ما عدا هذا… فالعبث سيظل سيد الموقف، و السياسة كتسلق اجتماعي و اقتصادي ستظل بوابة للريع و الانتفاعية و الانتهازية و الوصولية، مما سيزيد من تعميق الهوة بين الدولة و المجتمع، و مما سيرسخ شعار “المواطنون في خدمة الدولة و ليست الدولة في خدمة المواطنين”. و هذا العبث لن يزيد سوى في تكريس عوامل و آليات العزوف و ما ينتج عنه من انحرافات و تعصب، و تطرف و ما تؤدي اليه من عواصف و زوابع تهدد كيان الوطن و وحدته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق