الخميس، 7 أبريل 2016

حوار مع الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي : المصطفى براهمة عن جريدة النهج الديموقراطي

| في حوار مع الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي : المصطفى براهمة: المستقبل للاشتراكية لأن الرأسمالية المتوحشة تقود العالم نحو الفناء
يكفي اليسار اليوم أنه أصبح يعي ذاته، وأصبح يشعر بالاستهداف في وجوده، وأنه أصبح يدرك أهمية وحدته رغم اختلافاته
حاوره: مصطفى الادريسي
brahma.itihad
بدا المصطفى براهمة الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي متفائلا حول مستقبل اليسار بالمغرب، وأكثر استجابة للاشتغال داخل إطارات المنظمات الموازية، نقابية واجتماعية.. وعبر براهمة عن إنشاء جبهة لليسار، حيث قال «يكفي اليسار اليوم أنه أصبح يعي ذاته، وأصبح يشعر بالاستهداف في وجوده، وأنه أصبح يدرك أهمية وحدته، والالتئام لأول مرة ربما في تاريخه بكل تلاوينه رغم اختلافاته الإيديولوجية والسياسية وتقديراته المختلفة للوضع، رغم اختلاف أسبقياته. ولكن اليسار وراءه تاريخ من التشرذم لذلك عليه قبل كل شيء إرجاع الثقة لنفسه، ولمختلف مكوناته، والبدء كما قلت بالتنسيق داخل المنظمات الجماهيرية ودعمها وتأسيس جمعيات للنضال حول الشأن المحلي وحول القضايا ذات الراهنية…».
o كيف تلقى حزب النهج الديمقراطي دعوة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للمشاركة في ندوة «في ضرورة اليسار» التي نظمت من طرف مؤسسة المشروع؟
** لا أخفيك أنه بالنظر لوضعية اليسار وتشرذمه وتشظيه، وتذبذبه في تحمل مسؤوليته في معارضة النظام القائم سواء داخل أو خارج المؤسسات، وبالنظر لمشاركة أحد الأحزاب المحسوبة عليه في حكومة يقودها حزب رجعي أصولي، والعلاقات غير الواضحة المعالم لأحد الأحزاب المحسوبة عليه أيضا مع ما سمي بالوافد الجديد، مما كان قد طرح علينا سؤال مدى انتماء هذه الأحزاب لليسار نفسه؟ وعن ما هو اليسار اليوم؟ وماهي أطرافه؟ قبلنا المشاركة في الندوة، بالنظر للموضوع نفسه «في ضرورة اليسار»، وهو سؤال يطرح شرعية وجود اليسار وجدواه، في ظل تنامي أصوات بدأت تشكك حتى في جدوى وجوده. قبلنا الدعوة لأنها تجمع عائلة اليسار على اختلافه وتنوعه واختلاف رؤاه وتصوراته وتقديراته للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ولأنها تحدد معالم هذه العائلة نفسها، ولأنها مناسبة لم تتح قبل لنا للتعبير عن رأينا في اليسار، واستحضار تاريخه النضالي والكفاحي باعتباره كان أمل المغاربة في التحرر والديمقراطية والاشتراكية، التي جسده اليسار برغبته المستمرة في إصلاح النظام أو تغييره.
o هل ممكن اليوم تشكيل قطب يساري قوي يستجيب لتطلعات الشعب من أجل دولة المؤسسات والحريات والحقوق؟
** هذا حلم كل اليساريين، تشكيل قطب يراعي التنوع الاختلاف السياسي والإيديولوجي ينبني على أهداف واضحة المعالم، وعلى أساس القواسم المشتركة، لكنه اليوم يعيد المنال في ظل تشرذم اليسار واختلاف تعاطيه مع النظام السياسي القائم بين الرغبة في الاصلاح والرغبة في التغيير، وفي تحديد العدو الرئيسي الذي بالنسبة لنا هو النظام المحزني المبني على التحكم والاستبداد على المستوى السياسي، وعلى اقتصاد الريع على المستوى الاقتصادي، وعلى القهر والهشاشة على المستوى الاجتماعي. ولكن يمكن اليوم إعادة الثقة لمكونات اليسار، وإعادة الاعتبار للتضامن والتآزر والانتماء المشترك، بدءا بالتنسيق داخل المنظمات الجماهيرية النقابية والحقوقية والمدنية والدفاع عنها أمام هجوم المخزن، والدفاع عن الحركة النقابية بدعم تنسيقها والتنسيق داخل المركزيات المناضلة، وعن الحركة الحقوقية بدعم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والنضال من أجل رفع الحصار عنها، ودعم التنسيقيات الحقوقية، والاهتمام بجمعيات المجتمع المدني، والتصدي لمحاولات إلحاقها بوزارة الداخلية والتنسيق داخل النقابات والهيئات المهنية: الاتحاد الوطني للمهندسين والنقابة الوطنية للتعليم العالي واتحاد كتاب المغرب… وتأسيس تنسيقيات سياسية واجتماعية على المستوى المحلي، تبلور وتناضل من أجل مطالب الساكنة وتترافع بشأنها أمام المجالس الجماعية وأمام السلطة، تكون لبنة لجبهة سياسية واجتماعية.
أما على المستوى السياسي فعلى الأقل يمكن البدء بتحالف أحزاب اليسار بالأقرب فالأقرب: بين الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والتعاطي بشكل مشترك تجاه الدولة من جهة، وبين تنظيمات تجمع اليسار الديمقراطي: المؤتمر الوطني الاتحادي والاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والنهج الديمقراطي من جهة أخرى، والانفتاح على تنظيمات اليسار الجذري كتيارات أو مجموعات.
أما بخصوص الحريات، فأمام محاولة النظام العودة لوضع ما قبل حركة 20 فبراير والقمع مسلط خارج القانون على الجمعية المغربية لحقوق الانسان وشبيبة النهج الديمقراطي والحرية الآن وحركة الأساتذة المتدربين والمعطلين والحركات الاحتجاجية… فإن الجواب هو تشكيل جبهة سياسية ومدنية للدفاع عن الحقوق والحريات، وأن تحمل القوى المشاركة في البرلمان صدى نضالها إلى البرلمان نفسه.
o كيف يعيش اليسار المغربي اليوم في ظل التراجع الذي عرفه اليسار على المستوى العالمي؟
** وضع اليسار على المستوى العالمي متناقض اليوم، ففي الوقت الذي وصل فيه اليسار الديمقراطي الاجتماعي إلى الباب المسدود نظرا لتطبيقه للسياسات النيوليبرالية بشكل لم يعد معه المواطنون يميزون بينه وبين أحزاب اليمين الليبيرالية، فإن اليسار الجذري عرف تطورا ملموسا: تبوأت سيريزا الحكم في اليونان وأصبح بوديموس القوى الثانية في اسبانيا وتطور قطب اليسار في البرتغال… فالمطروح على اليسار المغربي أخذ العبرة من التاريخ ،وعدم تكرار أخطاء اليسار الديمقراطي الاجتماعي، بل تجاوز تصوراته والاستفادة أكثر فاكثر من اليسار الجذري وقدرته على التعبئة، وحتى على التنسيق والوحدة.
o ما هي أهم نقط التقارب بين مختلف تلاوين اليسار الممكن الاشتغال في ضوئها؟
** يكفي اليسار اليوم أنه أصبح يعي ذاته ،وأصبح يشعر بالاستهداف في وجوده، وأنه أصبح يدرك أهمية وحدته ،والالتئام لأول مرة ربما في تاريخه بكل تلاوينه رغم اختلافاته الايديولوجية والسياسية وتقديراته المختلفة للوضع، ورغم اختلاف أسبقياته .ولكن اليسار وراءه تاريخ من التشرذم لذلك عليه قبل كل شيء إرجاع الثقة لنفسه، ولمختلف مكوناته، والبدء كما قلت بالتنسيق داخل المنظمات الجماهيرية ودعمها وتأسيس جمعيات للنضال حول الشأن المحلي وحول القضايا ذات الراهنية: الحريات والحقوق والمدرسة العمومية، والتنسيق بين مكوناته الاقرب فالأقرب. فمن غير المعقول أن يكون الاتحاد الاشتراكي في المعارضة ويكون التقدم والاشتراكية في حكومة مثل الحكومة الحالية، ومن غير المعقول ألا تلتئم مكونات تجمع اليسار الديمقراطي حول قواسمها المشتركة، إذاك ستتضح معالمه ويصبح مرئيا ومعلوما لدى الشعب المغربي، وبذلك يتصدى لمحاولة طمس معالمه وتمييعه داخل الحقل السياسي.
لماذا لم تنجح الدعوات السابقة لقوى اليسار وطنيا؟
— لأنها كانت من طرف واحد يريد إلحاق الاخرين، ولأنها كانت مرتبطة بالأساس بالانتخابات، لأنها لم تكن تروم البناء داخل المجتمع أولا، ثم بين الاطراف ثانيا، لأنها لم تكن تستهدف البناء على القواسم المشتركة، لأنها كانت تروم فرض تصور جاهز على الاطراف الأخرى، ثم لأن المخزن كان وسيظل يحاربها.
o ما هي أهم نقط تقارب اليسار المغربي لمحاربة هذا المد المحافظ ؟
** إن المد المحافظ يجد جذوره في المدرسة العمومية، في التنشئة، في التربية، حيث لا تستهدف المدرسة العمومية تنشئة مواطنين لهم كامل الحقوق، قادرين على الدفاع عنها، والتصدي لأعدائها. لا تتم التربية على حقوق الانسان : حقوق الفرد وحقوق المجتمع
ولأن المدرسة العمومية لا تربي على الفكر النقدي وعلى العلم، بل تعتمد على الحفظ ولا تنمي قدرات الإبداع والسؤال، بل حتى تدريس العلوم الدينية يتم باعتماد النقل وإلغاء العقل ،رغم وجوده في التراث الفكري الإسلامي والعلوم الحقة يتم تلقينها بدون تاريخ، بدون فلسفة العلوم ، بدون الابستمولوجيا، وذلك لخلق أدوات طيعة قابلة للتأقلم مع اقتصاد السوق.
أما على المستوى الفكري والسياسي، فقد ترك اليسار المكان فارغا في ما يخص الهوية، سواء في يخص الدين، فتم تأطيره من طرف الدولة لتثبيت قيم الطاعة والخنوع، ومن طرف القوى الأصولية التي أنشأتها الدول في الأصل لمحاربة المد اليساري في القرن الماضي، حاملة راية العودة إلى الماضي الذي تعتبره ذهبيا، بينما كان في الحقيقة ماضي الصراع الفكري والسياسي والاجتماعي، أما الحركة الأمازيغية فقد منع تأثر بعض قوى اليسار بالفكر القومي الاهتمام بالمسألة، ولم تتدارك الوضع لحد الآن.
هكذا تطور التقليد والمحافظة داخل المجتمع كما في الحقل السياسي والفكري، وأعتقد أن كل مكونات اليسار تتفق على ضرورة التصدي للفكر المحافظ الذي تطور داخل المجتمع، واخترق في أحد مظاهره اليسار نفسه الذي لم يستطع التصدي له وتجديد نفسه على مستوى الفكر والممارسة، بما فيها النزوع إلى الاعتماد والبحث عن سبل التنسيق والوحدة.
o ما هي البدائل التي يقترحها اليسار لمواجهة هيمنة اقتصاد السوق والرأسمالية المعولمة؟
** لا بد أن يسعى اليسار، على المستوى الاقتصادي إلى رفض منطق التبعية، وأن يسعى إلى استكمال مهام التحرر الوطني ببناء اقتصاد ممركز على الذات يخدم الحاجيات الأساسية للمواطنين، مستقل في قراراته عن الدوائر الإمبريالية ولا بد أيضا من إلغاء اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي ومع أمريكا، وتعويضها باتفاقات اقتصادية متوازنة، ولا بد أيضا من توسيع العلاقات والانفتاح على دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) لتنويع الأسواق والمصادر.
ولمواجهة أخطار اقتصاد السوق على الفئات الشعبية، لابد من تطبيق السلم المتحرك للأجور، وتقديم خدمات عمومية جيدة (التعليم، الصحة، السكن…) ولابد من دعم المواد الأساسية ليعيش المغاربة في إطار مبدأ التضامن والتآزر والتماسك الاجتماعي. أما على المستوى البعيد، فلابد من بناء نظام اشتراكي، يتحكم فيه المنتجون المبدعون الأحرار في إنتاجهم.
o هل الحركات الاجتماعية والنقابات والعمل الجمعوي والشبيبي قادرة على إحياء اليسار المغربي؟
** يجب أن تكون القاعدة الأساسية لليسار هي الطبقة العاملة وعموم الكادحين والفئات الشعبية، وهي التي تناضل اليوم ضد نتائج العولمة الليبرالية المتوحشة لأنها هي التي تكتوي في آخر المطاف بنيرانها، لذلك المفروض في اليسار أن يرتبط بها ويؤطرها ويعطيها أفقا سياسيا، فالعمل النقابي لا يشمل إلا 6 في المائة من الأجراء، وجب إعادة الوهج إليه برفض السلم الاجتماعي. ومن المفروض أن يرتبط اليسار بالحركات الاحتجاجية التي تشمل اليوم كل المدن، ويساهم في تكوين التنظيمات الذاتية للجماهير، وعليه أن يساهم في بناء تنسيقيات سياسية/ اجتماعية تعنى بالشأن المحلي، تبلور مطالب السكان، وتنظم النضال حولها، وتدافع وتتفاوض بشأنها مع السلطة والمجالس الجماعية، وعلى اليسار أن يعود إلى العمل الجمعوي في دور الشباب التي غزتها الجمعيات الأصولية وأن يساهم في تنشئة الشباب وتربيتهم.
كل المستقبل لليسار، إذا ما استنهض عزائمه وارتبط بحركة الجماهير، فمثلا لم ينخرط التقدم والاشتراكية في حركة 20 فبراير، وشبيبة «ا ش ق ش» كان انخراطها محدودا، في حين انخرطت فيها التنظيمات الأخرى لليسار، ولم تنخرط أيضا الحركة النقابية والحركة الطلابية… مما أثر على أدائها وعلى النتائج التي وصلت إليها.
o ما هي الأسباب التي أدت إلى منع مؤتمر شبيبة النهج الديمقراطي بالرغم من أن الحزب يشتغل بشكل قانوني؟
** في الحقيقة هذا السؤال يجب أن يطرح على الدولة، لماذا رفضت الدولة تمكين شبيبة النهج الديمقراطي من القاعات العمومية، رغم إعطاء إدارتها الموافقة المبدئية والمكتوبة. ربما الدولة تريد اليوم العودة لما قبل حركة 20 فبراير، وتمارس التضييق على الحريات والحقوق، وذلك بخرقها للقانون، ففي حالة شبيبة النهج، الدولة خرقت القانون، وأصرت وأمعنت بقمع وحشي للوقفة الاحتجاجية للشبيبة أمام قاعة المهدي بن بركة، والدولة واهمة لأن الشبيبة ستشتغل وتناضل كيفما كانت الظروف، فالدولة هي التي مدعوة اليوم للالتزام بالقانون، وقد طال التضييق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجمعية البديل الثقافي برفض إعطائهما وصولات الإيداع لفروعها.
واليوم الوضع يتطلب تأسيس جبهة سياسية مدنية للدفاع عن الحقوق والحريات، تتشكل من قوى اليسار والحركة النقابية والحركة الحقوقية والحركة المدنية عموما: هيئة المحامين… ومن شخصيات وطنية ديمقراطية.
o كلمة أخيرة؟
** المستقبل لليسار، يجب أن نؤمن بذلك نحن. اليمين بمختلف تلاوينه الليبرالي والأصولي يقود العالم إلى الخراب. والمستقبل للاشتراكية لأن الرأسمالية المتوحشة تقود العالم نحو الفناء، إذا استمرت على هذا النحو في إشعال الحروب وتقسيم الكيانات وتغذية النعرات الطائفية والانعزالية ودعم الكيان الصهيوني.
اليسار قادم وليحيا شعب اليسار.
06 /04/ 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق