سعيا وراء إثارة النقاش وتوسيعه حول سبل تفعيل مانيفيست / بيان من أجل إعادة تأسيس اليسارالمتعدد بالمغرب ،إحتضنت مدينة الدارالبيضاء ،زوال اليوم ، لقاءا جمع مجموعة من الموقعين على البيان ،في حين إعتذرمجموعة من الرفاق والرفيقات لأسباب متعددة، لقاء اليوم الذي تميزبالجدية والمسؤولية العاليتين ،دشن لسيرورة جديدة من الفعل و التفاعل قصد إنضاج شروط الفعل والتراكم ، إن رحلة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى ،فتحية لكافة الرفاق الذين ساهموا في إنجاح اللقاء ،
..................
موقع” حوار الريف“يستجوب عبد الرحمان النوضة حول المبادرة السياسية الجديدة:” الدّيناميكية لتقويم وتثوير قوى اليسار “
موقع” حوار الريف“يستجوب عبد الرحمان النوضة حول المبادرة السياسية الجديدة:” الدّيناميكية لتقويم وتثوير قوى اليسار “
بواسطة 11/02/2016 12:18:00
حجم
حوار الريف
عبد الرحمان النوضة مهندس وكاتب وقيادي سابق في منظمة إلى الأمام أحد رفاق
المناضل الراحل ابراهام السرفاتي ، معتقل سياسي سابق اعتقل يوم 4 ماي
1974 في سياق موجة الاعتقالات التي شملت عدد كبير من مناضلي اليسار الجديد
، اجتاز سنة ونصف في المعتقل السري الدرب مولاي الشريف تعرض داخل هذا
القبو لتعذيب بشع أسوة بباقي المعتقلين السياسيين الذين مروا من هذا الجحيم
، في فبراير 1977 حوكم بالسجن المؤبد رفقة أربع مناضلين آخرين وهم :
إبراهام السرفاتي ، عبد الله زعزاع ، المشتري بالعباس وعبد الفتاح
الفاكهاني. وقد اجتاز وراء القضبان 18 سنة تحت قبضة حكم السحن الثاني ، له
عدة كتب سياسية بالعربية والفرنسية فضلا عن مقالات منشورة في مجموعة من
الجرائد بالمغرب . على إثر إعلانهم لمبادرة سياسية رفقة مجموعة من
المناضلين اليساريين من تجارب مختلفة ، اغتنمنا هذه الفرصة قصد استيضاحه
حول حيثيات هذه المبادرة ، تجاوب مع حوار الريف بكل أريحية ودون أدنى تردد ،
وله منا جزيل الشكر والامتنان.
حوار الريف :
كنتم من المساهمين في مبادرة التأم حولها ثلة من المناضلين المنحدرين من
تجربة اليسار الراديكالي، على تنوع، عقدت يوم الأحد الماضي اجتماعا،
وتداولت فيه حول ما أسميتموه ب «إعادة تأسيس اليسار بشكل متعدد»؟ لو
تتفضلوا بإعطاء بعض الخطوط العريضة لهذه المبادرة السياسية ؟
عبد الرحمان النوضة :
بعد التحية، أولاً، أنا لستُ مسئولا، ولا ممثّلا، وإنما أتكلّم باسمي فقط،
وما أطرحه لا يلزم أحدا، ولا يعبّر بالضرورة عن آراء المناضلين الذي أعمل
معهم. وَلَوْ توفّر الوقت، لحاولتُ التشاور مع رفاقي في ”الدّينامية“
للوصول إلى إجابة مشتركة. لكن جوابي السّريع هو ما يسمح به ضيق الوقت.
ثانيا،
التقى فعلاً خلال يوم السبت 6 فبراير 2016 بالدار البيضاء، مناضلون
سياسيون، محسوبون على اليسار. بعضهم مُتحزّب،وبعضهم غير متحزب. ودُعي إلى
اللقاء المناضلون الذين وقعوا على «بيان من أجل إعادة تأسيس اليسار
المتعدد». ويمكن أن أبعث إليكم نصّ هذه الوثيقة لاحقًا، لكي يطّلع عليها
قرّاء موقعكم. ويمكن لمن يرغب في المشاركة في التوقيع على هذه الوثيقة أن
يبعث اسمه إلى العنوان المشار إليه في نهاية هذه الوثيقة. ثالثًا، نحن لا
زلنا في بداية النقاش. ولم نقرّر بعدُ أي شيء. رفاقي يفضّلون تسمية
مبادرتنا أو حركتنا بعبارة «سيرورة من أجل إعادة تأسيس يسار متعدد».
والمقصود من عبارة «إعادة التأسيس»، ليس هو حلّ أحزاب اليسار الحالية
وتعويضها بأخرى، وإنما المقصود هو خصوصا المراجعة النقدية للأسس التي
بُنيّت عليها هذه الأحزاب، لفحصها، وتقويمها. وأنا شخصيا أحبّذ تسمية
مبادرتنا بعبارة «الدينامية لتقويم وتثوير قوى اليسار». أظنّ أن المضمون هو
نفسه. وهذا تفضيل لغوي، وليس خلافا سياسيا. وهذه المبادرة السياسية
الجديدة تجمع مناضلين جاءوا من تجارب نضالية أو حزبية مختلفة، ويحملون آراء
متفاوتة، ومقاربات متباينة، ومتكاملة. وهذا التفاوت في الآراء طبيعي
وإيجابي. ولا تشكّل هذه الخلافات عائقا إذا كان المناضلون المعنيون يعرفون
كيف يتعاملون معها، بمرونة، وجدلية. والميزة المشتركة فيما بين هؤلاء
المناضلين هو أنهم لا يناهضون قوى اليسار، بل على العكس، يناصرون قوى
اليسار، ويقدّرونها، ويغارون عليها، لكنهم غير راضين تمامًا عن كل ما يصيب
حاليا قوى اليسار من ضعف، ونقصان، وارتباك، وتشتّت، وحلقية، وتنافر،
وتفرقة، وتشرذم، وغياب المبادرات الناجعة، وغياب النضال المشترك.
رابعًا،
يطمح هؤلاء المناضلون إلى خلق حركية، أو سيرورة، أو ديناميكية، من نوع
جديد، على مستويات فكرية، وسياسية، ونضالية. وهؤلاء المناضلون يرفضون كل ما
يهدف إلى إضعاف قوى اليسار، أو تشتيتها، أو تدميرها، أو مسخها عبر تحويلها
إلى مجرد آلة انتخابية. بل يسعون إلى المساهمة المتواضعة في تقريب قوى
اليسار فيما بينها، وتعزيز تشاورها، وتعاونها، وتكاملها، وتفاعلها البيني،
بروح نضالية ثورية واضحة، ومن أجل رفع مستوى فعاليتها السياسية، نحو أفق
خدمة الأهداف الاستراتيجية للشعب. ويعتبرون أن المناهج القديمة المعتادة،
التي تستعملها قوى اليسار، سواء في تفكيرها، أم في أساليب عملها، تحتاج إلى
مراجعة نقدية، بغية تقويمها، وتحسينها، وتحديثها، وتثويرها.
حوار الريف :
أعلنتم هذه المبادرة في ظرفية صعبة، تتسم بتراجع اليسار على المستوى
الشعبي، والنخبوي، بعد تدجين جزء كبير منه، فيما تعيش التنظيمات اليسارية
الأخرى، وخصوصا بعض الأطراف المنحدرة من تجربة اليسار الجديد، انشقاقات
مستمرة، بسبب الإحباط المعنوي لعدد كبير من فئاتها. ولعل صورة اليسار في
المغرب قريبة مما يمكن تسميتها بأزمة وجود. في ظل هذه الأوضاع، أي معنى، أو
إضافة، تحمله مبادرتكم، في مواجهة هذه التحديات التي يعيشها اليسار
المغربي؟
عبد الرحمان النوضة : أوّلاً،
التشخيص المقلق الذي بدأتَ في طرحه، خلال سؤالك السابق، حول أوضاع اليسار
بالمغرب، يعني أنك وضعتَ رجلك الأولى داخل حركتنا التصحيحية. وحينما ستبدأ
في المساهمة العملية في نقد وتثوير قوى اليسار، فإنك ستكون قد وضعتَ رجلك
الثانية داخل حركتنا التقويمية. فأنت تلتقي فكريا معنا دون أن تكون قد
اجتمعتً معنا. وكل مناضل يشرع في تشخيص قلق لأزمة قوى اليسار، يصبح كأنه
مشارك، أو منخرط، في مبادرتنا التقويمية.
ثانيًا،
نحن لم ننتج معجزة جديدة، لأن ما نحسّ به نحن، تحسّ به أنت أيضا، ويشعر به
غالبية مناضلي قوى اليسار، وربّما منذ وقت قد يعدّ بالشهور، أو بالسنوات،
أو بالعقود، حسب حالة كل مناضل. ونسبة هامة من أعضاء، أو مسئولي، قوى
اليسار، يعترفون صراحة، إمّا في العلن، وإما في السرّ، أن اليسار يوجد
حقًّا في حالة ضعف، وأنه يعاني من مشاكل كثيرة ومعقدة. لكن الجديد الذي
جاءت به حركتنا التصحيحية، هو أننا قرّرنا بجرأة الانتقال من إحساس فردي
شبه ”لا واعي“ بأزمة اليسار، إلى الطرح الجماعي، والسياسي، والعلني،
والواضح، والعقلاني.
ولا
يكفي اليوم أن نعترف نظريا بوجود مشاكل لدى قوى اليسار، بل المطلوب هو
الشروع فورًا، وعمليّا، في نقد، وتصحيح، وتقويم، وتثوير قوى اليسار.
ثالثًا،
مظاهر أزمة قوى اليسار التي بدأتَ سابقا في سؤالك في طرح بعض عناصرها، هي
بالضبط التي حثّتنا على إطلاق هذه المبادرة السياسية. لقد وصل تدهور أوضاع
قوى اليسار إلى مستوى خطير يهدّد استمرارية وجود هذا اليسار، كما قلتَ أنتَ
بنفسك. وفي مثل هذه الأوضاع المقلقة، يحسّ بعض المناضلين الثوريين في
اليسار بضرورة الجرأة على التفكير، والجرأة على المبادرة، والجرأة على
النقد، وعلى ممارسة التحذير، والتنبيه، والاقتراح، والتجميع، بهدف المشاركة
المتواضعة في إخراج قوى اليسار من مسار الانحدار، وحملها إلى مسار
التساؤل، والمراجعة النقدية، والإبداع، والتشاور، والتفاعل، والتعاون،
والتكامل، والتلاقح، والنموّ، نحو أفق الفعالية، والسداد، والانتصار.
رابعًا،
معظم مناضلي قوى اليسار، وبغض النظر عن الإطار الحزبي أو التنظيمي الذي
يعملون حاليا داخله، هم صادقون، ونزيهون، وطموحون. وإذا ما اقترحنا عليهم
مراجعة نقدية لمكوّنات اليسار، وإذا ما اقترحنا عليهم أساليب عمل جيدة، فمن
الممكن أن يقبلوها، أو أن يستفيدوا منها، أو أن يطوّروها إلى أعمال نضالية
من نوع جديد. وقد تمكّنهم هذه الاقتراحات من إنجاز مهام نضالية مشجّعة.
خامسًا، قوى اليسار هي اليوم في حاجة ملحّة، وعاجلة، لإحداث نقلة نوعية في
تصوّراتها، وفي أفكارها، وبرامجها، وأساليب نضالها، وأشكال تنظيمها، ومناهج
عملها. سادسًا، نحن لا ندّعي أننا أتينا بخط سياسي جديد وبديل. ولا نزعم
أننا نتوفر على تصوّرات جديدة وَواضحة، ولا على حلول سياسية شاملة وكاملة،
ولا على مشاريع بديلة جاهزة. وإنما المهم لدينا هو أن ندفع مجمل مناضلي قوى
اليسار إلى أن يساهموا، سواءً كمسئولين، أم كأعضاء قاعديين، في التشاور،
والتفاعل، والتساؤل، والنقد، والبحث، والتعاون، والتكامل، والإبداع، بهدف
إحداث النقلات النوعية المرجوة، على جميع الأصعدة، الفكرية، والتنظيمية،
والعملية، والنضالية.
حوار الريف :
ألا تخافون من أن تساهم هذه المبادرة في تشتيت المُشتّت، خصوصا أنها
تتزامن مع مبادرات أخرى يقف وراءها عدد من الأطراف، جرفت معها حمولة سياسية
لصراعات شاقة داخل حزب سياسي يساري، وهو الحزب الاشتراكي الموحد، الذي
يشكو منذ مدة من اختراقات أطراف محسوبة على أحزاب التحكم، تسعى إلى تركيعه
واحتواءه؟
عبد الرحمان النوضة: أوّلاً،
كل أحزاب اليسار (في المغرب، وكذلك في كثير من بلدان العالم) تعيش حاليا
مشاكل مُعيقة، ومُرْبِكَة، ومعقّدة، بما فيها ”حزب الاشتراكي الموحد“،
و”حزب الطليعة“، و”حزب النهج“، و”حزب المؤتمر الاتحادي“. وحتى حزبي”الاتحاد
الاشتراكي“، و”حزب التقدم والاشتراكية“ يتخبّطان في مسار عسير، يتطوّر من
سيّء إلى أسوأ. رغم أن هذين الحزبين الأخيرين لا يتجرّآن بعدُ على الاعتراف
بالأزمة التي تهلكهما.
ثانيًّا،
على خلاف بعض التخوّفات المشروعة، نقول بوضوح، أن مناضلي هذه المبادرة
الجديدة مقتنعون أن عملية، أو سيرورة، تقويم وتثوير قوى اليسار الحالي
بالمغرب، لن تُنجز عبر خلق حزب جديد. بل إن تقويم وتثوير قوى اليسار
سيأتيان من خلال المساهمة الطوعية، والعملية، والجماعية، والمشتركة، لأكبر
عدد ممكن من مناضلي قوى اليسار، في إحداث هذه النقلة النوعية، من داخل
أحزابهم الخاصة.
ثالثًا،
هدف ”الدّينامية“ ليس هو خلق حزب جديد، وليس هو تعويض قوى اليسار الحالية
بأخرى تزعم أنها هي الأحسن. وإنما الهدف هو الانطلاق من قوى اليسار
الحالية، وكذلك من المناضلين اليساريين غير المتحزّبين، والعمل على تقويم
هذه القوى، وتثويرها، عبر حوار جداليّ، والتـفاعل الإيجابي، والبحوث
الجماعية، والمراجعة النقدية، والنقد الذاتي، والإبداع على مستويات الفكر،
والتنظيم، والنضال المشترك، إلى آخره. والغاية ليست هي خلق تنظيمات يسارية
جديدة، وإنما الغاية هي تقويم وتثوير قوى اليسار الحالية، وتجميعها في إطار
جبهة، أو فيدرالية، أو تحالف، أو تنسيق. لا يهم الشكل، هل جبهة؟ هل
فيديرالية؟ هل تحالف؟ هل تنسيق؟ المهم هو سِعَة النضال المشترك، وصلابته.
وما نريده هو تقوية قوى اليسار، وليس تدميرها. وكل مناضل يريد الانخراط في
”الدّينامية“ المذكورة، أو يريد فقط المساهمة من بعيد في مجهوداتها، لا
نطلب منه التخلّي عن انتماءه الحزبي، ولا نطلب منه تغيير قناعاته السياسية.
لأن جوهر ”الدّينامية“ ليس حزبا جديدا، وإنما هو نضال مشترك، ومجهود
متواصل، يهدف إلى تقويم وتثوير مناهج قوى اليسار. وعلى عكس بعض التخوّفات،
ندعو مجمل المناضلين إلى البقاء داخل قوى اليسار التي يتواجدون فيها، وإلى
الصمود في نقد ومقاومة كل أشكال الرداءة أو الانحراف. كما ندعو المناضلين
إلى المساهمة الجريئة في تقويم وتثوير أحزابهم، بأساليب شفافة، ومرنة،
ونزيهة، ومتأنّـية، وديمقراطية. لأن الهدف ليس هو تخريب قوى اليسار، ولا هو
السيطرة عليها، وإنما هو المساهمة المتواضعة في تطويرها، وتقويتها، وتحسين
أدائها. مع العلم أن المناضل الثوري، هو الذي يبدأ دائما بتثوير نفسه، قبل
أن يحاول تثوير غيره.
رابعًا، نحن
(في المبادرة الجديدة) لا نزعم أننا أنبياء جدد، ولا نرغب في أن نكون
زعماء جدد، ولا قادة سياسيين جدد. ولا نريد استبدال القادة الحاليين في
أحزاب اليسار، ولا نريد منافستهم. هذه شؤون تهم مناضلي كل قوة يسارية على
حدة. ونحن (في المبادرة) نعارض خلق حزب جديد، أو جمعية جديدة، أو حتى خلق
مجموعة سياسية جديدة. لأن خلق حزب جديد يمكن أن ينتج مشاكل إضافية، دون أن
يقدر على فهم ومعالجة المشاكل القديمة. كما أننا لا نهدف إلى تغليب أي حزب
يساري على آخر. ولا نريد حتى الضغط على قوى اليسار لكي تتوحد رغمًا عنها.
ولا نقبل مناهضة أي حزب يساري. وإنما نطمح إلى تقوية مجمل قوى اليسار، عبر نقدها، ومساعدتها، وتقويمها، وتثويرها.
خامسًا،
ما نرغب فيه (عبر مبادرة ”الدّينامية“) هو تقريب المسافات فيما بين مختلف
قوى اليسار. ونبتغي تشجيع مجمل قوى اليسار على الالتزام بمنهج التواضع،
وعلى تحبيذ التشاور، وعلى تفضيل النضال المشترك. ونريد المساهمة المتواضعة
في الرّفع من مستوى أداء مجمل قوى اليسار. ونطمح إلى تعميق التعاون،
والتكامل، فيما بين مجمل قوى اليسار.
سادسًا،
نحن (في المبادرة) نـثـق في كون الأفكار السياسية التي تكون ثورية،
وسليمة، وملائمة للواقع الملموس، نثـق بأنها ستتحول بسهولة إلى قوة بشرية،
أو سياسية، أو نضالية، أو مجتمعية. وطموحنا هو المشاركة في خلق ديناميكية
فكرية، وسياسية، ونضالية، وأن تؤدّي هذه الديناميكية إلى تنمية حيوية قوى
اليسار، وفعاليتها، وإبداعاتها، وإشعاعها، وتعاونها، وتكاملها، ونضالاتها
المشتركة. ولا يمكن أن تنجح أية مبادرة سياسية طموحة مثل مبادرتنا، إلا إذا
فهمتها غالبية مناضلي اليسار، وقبلت طوعيا المشاركة في تعميقها، وتحويلها
إلى سلوكيات نضالية يومية ومتواصلة.
زيادة
على هذا، لا تنس أن ما قلتُه لك، هو رأيي اشخصي. وأنا على يقين أنك إذا
استجوبتَ مناضلين آخرين من مبادرتنا الحالية، فإنهم سيقولون لك بالتأكيد،
أفكارًا أخرى مهمة، واقتراحات إضافية غنية، ومُكمّلة. حيث أننا لا زلنا في
بداية الطريق. ونحن مثل آلات موسيقية في أوركسترا. كلما تكلم أحد منا، إلاّ
وسمعتَ صوتا أو نبرة مختلفة. لكننا نعزف سمفونية واحدة مركّبة.
حوار الريف:
هذا كلام نظري عام، ومعقول، وجميل، ولن يعارضه أي مناضل عاقل، ولكنك لم
توضح لي الإجراءات العملية التي ينوي مناضلو هذه المبادرة القيام بها
لتحقيق طموحاتهم؟
عبد الرحمان النوضة:
حسب رأيي المتواضع، وإلى حدود هذه اللحظة، نحن بأنفسنا لا نعرف جيّدا ماذا
ينبغي أن نفعل، وكيف نفعله، ومتى، ومع من ؟ لدينا طبعًا بعض التصوّرات
الأولية، أو الجزئية. ونعترف بتواضع أن هذه التصوّرات الحالية لا زالت غير
كافية. لأنها تستوجب بالضرورة مساهمة أكبر عدد ممكن من بين مناضلي قوى
اليسار. والمهم عند انطلاق ديناميّتنا، هو أننا واثقون من أن الشروع
الجرّيء، والجماعي، وبدون تماطل، في تطبيق هذه الأفكار، هو الذي سوف
يساعدنا أكثر فأكثر على توضيح ماذا نريد، وكيف ننجزه، ومع من، ومتى؟ ويحرص
أعضاء 'الدّينامية' على التفاعل بشكل إيجابي مع كل قوى اليسار، دون تفضيل
فصيل على آخر، ودون إقصاء أي طرف.
وكل قوة من بين قوى اليسار تقبل بالانفتاح تجاهنا، سوف نساعدها بكل
طاقاتنا. وكلّما وُجدت قوة يسارية مقصّرة، أو مخطئة في إحدى مواقفها، أو في
إحدى سلوكياتها، فإن الواجب سيجبرنا على نقدها بشكل صريح، علني، وباحترام.
لكن الاحترام لا يعني المجاملة، أو المهادنة، أو المحاباة، أو السكوت عن
النواقص. كما أن النقد لا يبرّر الاتهامات الذاتية، أو الإهانة، أو
القساوة، أو الاحتقار، أو الإقصاء، أو بث الكراهية، أو العداوة. ودورنا هو
المساعدة، وليس التحطيم. وسلاحنا الأساسي هو النقد العلني، الواضح،
والمعمّق، والجدّي، والرّزين. لأن الغاية هي تقويم وتثوير قوى اليسار،
وليست هي ضربها، أو إضعافها، أو هجرها، أو تجاهلها، أو المشاركة في
تصفيتها. وانتصار ”حركتنا“ أو ”ديناميتنا“، لا يتجلّى في احتلال مواقع
تنظيمية قيادية، وإنما سيظهر في تطبيق قوى اليسار، في شموليتها، لمناهج
ثورية، سليمة، وفعالة. ولكي لا يبقى كلامي نظريا أو عامّا، أود أن ألحّ على
أن أسلوبنا في العمل سيكون هو مشاركة مجمل مناضلي ”الدّينامية“في أكثر ما
يمكن من الأنشطة والنضالات التي تنظمها أية قوة من بين قوى اليسار. ضدًّا
على الحلقية، وضدّ الحسابات الضيّقة. وبدون ميول نحو ”القيادة“، أو
”الزعامة“، أو ”الطليعية“. ومن خلال هذه المشاركة، سيحرص أنصار
'الدّينامية' على التذكير، وعلى الإلحاح، على دعوة كل مناضلي ومسئولي :كل
قوة من بين قوى اليسار إلى ما يلي
1)
ضرورة الالتزام بالتواضع، وبالتشاور، وبالتنسيق، وبشكل متواصل، فيما بين
أكثر ما يمكن من قوى اليسار، بما فيها تلك التي نختلف معها في كثير من
القضايا.
2) تفضيل القيام بأنشطة ونضالات مشتركة، فيما بين أكثر ما يمكن من قوى
اليسار، بدلاً من خوض أنشطة أو نضالات بشكل منفرد (من طرف كل قوة معنية على
حدة). لأن انخراط أكثر ما يمكن من الأطراف في النضال المشترك هو بالضبط
الذي يوفّر إمكانات التقارب، والتفاعل، والتفاهم، والتطوّر، والتوحّد، فيما
بين قوى اليسار
3)
الحرص في النضالات المشتركة على إعطاء الأسبقية للمصالح الثورية للشعب،
وليس لمصالح هذا الحزب المعني أو ذاك، أو لصاح هذا التنظيم المحدّد أو غيره
4)
غايتنا المشتركة الأساسية هي إنجاح النضال المشترك، وليست هي استفادة
حزبنا، أو مصلحة تنظيمنا، أو تقوية تيّارنا السياسي. بل نفضل إنجاح النضال
المشترك، وَلَوْ كان الثمن اللازم لذلك هو تضحية حزبنا، أو خسارة تنظيمنا.
لأن الشعوب لا تتقدم، ولا تتعلّم، ولا تتوعّى، ولا تتقوى، إلاّ عبر النضال
المشترك
5) نبذ الحلقية، أو العصبية الحزبية الضيّقة، أو الانغلاق على النفس.
6) نقد الانحياز الذّاتي، أو التعصّب الحلقي، لصالح أية قوة من بين قوى
اليسار، ومهما كانت. لأن الهدف الأساسي ليس هو حزبنا، وإنما هو ثورتنا
المجتمعية .المشتركة
7) نقد الميول نحو ”الزعامة“. لأن الزعامة تؤدي دائما إلى تقليص دور القواعد، أو تهميشها
8)
نقد الرغبة في الظفر بموقع ”الطليعة“. واستبدالها بتشجيع التواضع. لأن
الرغبة في احتكار موقع ”الطليعة“ غالبا ما تخفي الرغبة في الهيمنة، أو
الاستبداد.
9) تشجيع الإبداع بهدف إغناء الأفكار، وتطوير الأساليب النضالية،
والأساليب التنظيمية، والإعلامية. وليس الاقتصار على أساليب قديمة، مكرّرة،
أو جامدة، أو غير متلائمة مع مستجدّات الواقع.
10) التعامل مع التناقضات التي تظهر داخل كل حزب أو فصيل من اليسار بروح
ديمقراطية، ومرنة، تحرص على معالجة التناقض، وليس على هزم العنصر المخالف،
أو على إقصاء الطرف المناقض، أو محاولة فرض الرأي الواحد، أو ترسيم الإجماع
القسري
11)
التعامل مع التناقضات التي يمكن أن تظهر فيما بين مختلف قوى اليسار بمنهج
مرن، يصون الاستمرارية في الالتزامبالنضال المشترك، وخوض هذا النضال
المشترك بكل الأشكال المتنوعة والممكنة. المهم، لا زلنا في بداية الحوار.
ونحن في ”الدّينامية“ في حاجة إلى مساهمات مجمل مناضلي قوى اليسار.
حوار الريف:
على مستوى شكل التنظيم الذي ستعمل به ”الدّينامية“، يظهر لي طرحكم غير
واضح، أو يبدو كأنه يوجد نوع من التناقض في أطروحتكم. حيث تقولون أنكم
تطمحون إلى تقويم وتثوير قوى اليسار، وفي نفس الوقت تقولون أنكم ترفضون خلق
حزب جديد. فَبِأيّ شكل من أشكال التنظيم ستعملون إذن ؟
عبد الرحمان النوضة:
فعلاً، قضية التنظيم تطرح علينا، في بداية مشوارنا، تناقضا جميلا
ومحفّزًا. لأن أسلوب التنظيم الذي يمكن أن تعمل به 'الدّينامية' في
:المستقبل، قد يطرح عدة إشكالات أو تناقضات. منها مثلا ما يلي
أ)
إذا عملت ”الدّينامية“ مثلاً بأسلوب تنظيم كلاسيكي، توجد فيه هياكل
تنظيمية، ومركزية، وتراتبية، ويحتوي على هيئات محلية، وهيئة وطنية قيادية،
ومؤتمر، وقرارات مُصوّت عليها، فمن المحتمل أن يُوقِع هذا الأسلوب التنظيمي
'الدّينامية' في مسار تأسيس حزب كلاسيكي، وفي مشاكل مشابهة للمشاكل التي
تعاني منها أحزاب اليسار. الشيء الذي يتنافى مع فلسفة ”الدّينامية“. حيث
أننا نطمح إلى إشراك مجمل المناضلين الثوريين، بتعدد انتماءاتهم الحزبية،
وبتفاوت آراءهم الفكرية أو السياسية. فليس بديهيا أن تكون الأشكال
التنظيمية الكلاسيكية ملائمة لطبيعة 'الدّينامية'. كما يُحتمل أن تستغل
الأجهزة القمعية نقط ضعف هذا الصنف من التنظيم الكلاسيكي (وهي كثيرة
ومعروفة) لكي تعرقل هذه ”الدينامية“، أو لكي تقضي عليها.
ب) إذا لم تعمل 'الدّينامية' بأي أسلوب تنظيمي محدّد، فمن المحتمل أن تتحوّل هذه ”الدينامية“ إلى حركة مبهمة، أو هلامية،
أو غامضة، أو ملتبسة. لا تقدر على الاجتماع، ولا على التشاور، ولا على
التنسيق، ولا على بلورة المواقف المشتركة، ولا على تفعيلها. ومن الممكن في
هذه الحالة أن تفقد هذه 'الدّينامية' الفعالية. وفي هذه الحالة، سيكون من
المتوقّع أن تعجز هذه 'الدّينامية' على تطبيق برنامجها. وقد تعجز حتى على
الاستمرار في الوجود. لأن كل عمل جماعي لا يقدر على أن يكون قويّا، أو
منتجا، أو فعّالا، إلاّ إذا عمل بأسلوب تنظيمي عقلاني، ومحكم، ومضبوط، وذا
جودة من مستوى عالٍ. وهذا هو التناقض الذي نتمنى القدرة على معالجته في
المستقبل.
ت) الحاجة إلى التنظيم، تطرح فورا الحاجة إلى الانضباط. فمن الجميل أن
نتحاور، وأن نبلور قناعات مشتركة، لكن ما الفائدة من هذه القناعات المشتركة
إذا لم نلتزم جميعا بتنفيذها؟ فهل الحل هو أن تطلب ”الدّينامية“ من
أنصارها الانضباط؟ أليس الأفضل هو أن تمنحهم حرّية التصرّف، حسب الطاقات
الشخصية لكل مناضل، وحسب الظروف القائمة؟ نحن ندرك طبعًا أن التاريخ يؤكّد
أن كل جماعة لا تعمل بالانضباط تتحوّل حتمًا إلى شتات غير منسجم، ثم تموت.
لكن، في نفس الوقت، تطمح ”الدّينامية“ إلى أن تكون نوعا جديدا من الحراك
الساسي المجتمعي. لذلك نميل إلى محاولة ابتكار صنف جديد من التنظيم، يمزج
بين قدر معيّن من الانضباط، وقدر محدّد من حرّية السلوك لكل المناضلين
المناصرين ”للدّينامية“. خاصّة وأن ”الدّينامية“ لا تلغي استمرارية الأحزاب
أو التنظيمات اليسارية.
ث) في مقارنة ملموسة، وفي تجربتي ثورتي تونس ومصر في سنة 2011، لاحظنا أن
حركات الشباب الثوري التي أشعلت الثورة وخاضتها، ونجحت في الإطاحة برأس
النظام السياسي، كانت تتوفر على أفكار، لكنها تفتقد التنظيم. وبعدما أطاحت
برأس النظام السياسي، جاءت لاحقا حركات إسلامية أصولية، وركبت على موجة
الثورة، وسيطرت عليها، واستغلّتها للسيطرة على الدولة، ولفرض «أسلمة»
المجتمع. لماذا ؟ لأن الحركات الإسلامية الأصولية كانت تتوفّر على تنظيم
وَلَـوْ بدون أفكار. ولأن فكر الحركات الإسلامية يتلخص في كلمتين فقيرتين،
وهما: الشريعة، والرأسمالية. ما هو درس هذه المقارنة؟ خلاصتها هي: أن تنظيم
بدون فكر، يمكن أن يهزم فكرا بدون تنظيم، ولو كان هذا الفكر جدّ متقدّم !
نحن كجدليين ندرك طبعًا أن الفكر الثوري يقدر على هزم التنظيم، لكن فقط في
الحالة التي تتوفّر فيها شروط مجتمعية استثنائية. بينما التنظيم يغلب الفكر
في معظم الحالات، وبسهولة كبيرة. مثلما أن الدّكتاتورية المنظمة تغلب
دائما الديموقراطية الفوضوية. وعليه، فالأفضل هو أن يجمع الثوريون بين
الفكر والتنظيم. ما هو الحل إذن؟
لا
ندري حاليا. لهذا السبب، لا زلنا نفكر في ابتكار أسلوب تنظيمي مرن، يجمع
نسبيا بين هذه المتناقضات المذكورة أعلاه. ونحتاج إلى أسلوب تنظيمي، من صنف
جديد، يكون ملائما لطبيعة ”الدينامية“، ولأهدافها. لأن ”الدّينامية“، وعلى
خلاف حزب كلاسيكي، تطمح إلى أن تبقى مفتوحة على مناضلي مجمل قوى اليسار،
بتعدد انتماءاتهم الحزبية، وباختلاف قناعاتهم الأيديولوجية. حوار الريف:
رغم أن الحوار معك مشوّق، يلزم أن نختم الاستجواب بسؤال أخيرا. هل يمكن أن
توضح لنا بعض الانتقادات السياسية التي توجهها لقوى اليسار؟ عبد الرحمان
النوضة: النقد هو المدخل إلى التقويم والتثوير. لكن إذا دخلنا هنا في
استعراض الانتقادات المفصّلة، الموجهة إلى قوى اليسار، فإن هذا المجال لن
يكفينا. الموضوع طويل، وشاسع، ومتشعّب. ولمن يهمه الموضوع، أحيله مثلا إلى
مقال سبق لي أن نشرته تحت عنوان «نقد أحزاب اليسار». ويمكن تحميله من
الموقع الإلكتروني التالي (http :LivresChauds.Wordpress.Com).
وفي الحقيقة،فإن
عملية تقويم وتثوير قوى اليسار، هي أصعب مِمّا يمكن أن نتصوّر. وليست
مضمونة النجاح. وكمثال حديث، أتذكّر هنا أن ما يزيد على مئة مناضل كانوا
أعضاء في ”الحزب الاشتراكي الموحد“ على سبيل المثال، حاولوا مقاومة بعض
التوجّهات السياسية غير السليمة، على امتداد أكثر من عقد من الزمن. وكانوا
يعارضون سياسة إبعاد الحزب عن النضالات الجماهيرية، وتحويله إلى مجرد آلة
انتخابية. وتصارعوا بأساليب جدّية، ومتأنية، ضدّ اتجاه سياسي سائد في
الحزب. لكنهم اضطروا في النهاية إلى الانسحاب من حزبهم. ما هو الدرس من
ذلك؟ من المؤسف، بل من المحيّر، أن نلاحظ أن مناضلين من كلا الطرفين، كلهم
مخلصين، ونزيهين، لا يستطيعون خوض حوار حقيقي فيما بينهم. كأنهم لا يقدرون
على الاستماع المتبادل، وعلى التفاعل المتبادل. وقد يكون السبب هو أن قيادة
الحزب، أو التوجّه السائد فيه، لم يكن في مستوى معالجة هذه التناقضات. وقد
يكون معنى ذلك أنه لا يكفي أن تدافع عن أطروحات سياسية صحيحة لكي تقنع
معارضك، أو خصمك، أو منافسك. وكأن المنطق الذي يستعمله مختلف الأشخاص ليس
منطقا واحدا وموحّدا، بل هو مناطق (بصيغة الجمع). وأتذكر مثالا آخر
مُحيّرًا. حيث أن قادة ”فيديرالية أحزاب اليسار“ (التي تتكون من ”حزب
الطليعة“، و”حزب المؤتمر الاتحادي“، و”حزب الاشتراكي الموحد“) قرّروا أن
تكون المشاركة في هذه ”الفيديرالية“ مشروطة بتبني ثلاثة مواقف سياسية، وهي:
«الملكية البرلمانية، ومغربية الصحراء، والمشاركة في الانتخابات». وهذه
الشروط هي فكرة غريبة، ومحيّرة، بل مرفوضة. كأن واضعي هذه الشروط يريدون
خصّيصًا تبرير إقصاء ”حزب النهج“ من النضال المشترك فيما بين قوى اليسار.
لأن ”حزب النهج“ هو بالضبط الحزب الذي يحمل آراء مختلفة نسبيا في تلك
القضايا الثلاثة المذكورة. أنا أحترم، وأقدر، وأحبّ قادة أحزاب
”الفيديرالية“، لكن احترامي هذا لا يمنعني من أن أقول صراحةً أن هذا الشرط
الذي فرضوه في العضوية في ”الفيديرالية“، يذكّرني بما يُسمّى بالطّلاق
الثلاث. بل يقسّم اليسار، ويضعفه، ولا يفيد سوى النظام السياسي القائم. حيث
لا يستفيد من إقصاء «حزب النهج» من النضال المشترك سوى النظام السياسي.
ونلاحظ
أن تلك الشروط الثلاثة المذكور سابقًا تتوفّر، ليس فقط في حزبي ”الاتحاد
الاشتراكي“، و”التقدم والاشتراكية“، بل تتوفّر في كثير من الأحزاب اليمينية
أو المحافظة. فلماذا يقبل نظريًّا قادة ”الفيديرالية“ العمل مع مثل هذه
الأحزاب، ويرفضون العمل مع ”حزب النهج“؟ فإذا كان قادة ”الفيديرالية“
يعتبرون أن ”حزب النهج“ هو حزب مشكوك فيه، أو رجعي، أو غير يساري، أو خائن،
أو مجرم، فليقدّموا لنا البراهين لكي نقتنع نحن أيضا. وإذا كان قادة
”الفيديرالية“ يحصرون قوى اليسار فقط في الأحزاب التي تتبنّى تلك الموافق
الثلاثة المذكورة أعلاه، وجب عليهم أن يقولها لنا بشكل صريح. وهل يُعقل أن
يضع قادة يساريون عراقيل مصطنعة ضدّالنضال المشترك فيما بين قوى اليسار؟
وهل النضال المشترك مشروط بالاتّفاق الفكري والسياسي على كل شيء؟
من
المفهوم أن اعتزاز ”حزب النهج“ بكرامته يدفعه إلى تلافي طرح هذه القضية،
أو نقاشها، أو نقدها، لكن واجبي الأخلاقي، كمناضل غير منتمي لأي حزب في
الوقت الحالي، يفرض عليّ بأن أنتقدها علنيّا، لأنها لا تليق بأحزاب يسارية،
ولا حتى بأحزاب ديمقراطية. قد تكون لكل حزب من أحزاب اليسار إيجابيات، أو
أخطاء، أو نواقص، بما فيه ”حزب النهج“. وإذا كان هذا هو اعتقاد قادة
”الفيديرالية“، فليوضّحوا لنا ما هي الخلافات التي تفرقهم؟ ولماذا تفرقهم؟
أَذْكُر مثالا أخيرا (في مجال نقد أحزاب اليسار). هل يُعقل، أن يدوم في
رئاسة حزب يساري مناضل (أو مناضلة) خلال أكثر من خمسة سنوات، في العصر
الحديث الذي يتميّز بتسارعه؟ ألا توجد كفاءات أخرى ممكنة في هذا الحزب؟ وهل
يعقل أن يكون المسئولون الرئيسيون في حزب يساري غير متفرّغين للعمل
النضالي والسياسي؟ هل يُعقل أن يحاول المسئول الرئيسي في حزب يساري
المزاوجةَ بين عمله المهني الشخصي ومسئولياته الحزبية؟ وهل هذه المزاوجة
ممكنة؟ ألا تكون هذه المزاوجة على حساب جودة العمل السياسي لمجمل الحزب
المعني؟ لتخفيف حدّة الجدّية، أختم حديثي معك بنكتة. التقت جماعة من
المناضلين، وأرادوا خوض نضال مشترك حول المساواة بين المرأة والرجل. لكن
جماعة منهم قالت: «لا نـقبل بأن يشارك معنا في النضال المشترك سوى من هو
على وضوء»! فما العلاقة بين ”المساواة بين المرأة والرجل“ و”الوضوء“!؟ شكرا
لموقع ”حوار الريف“.
(حاور عبد الرحمان النوضة أبو علي بلمزيان، في 10 فبراير 2016).
بيان من أجل إعادة تأسيس اليسار المتعدد
بيان من أجل إعادة تأسيس اليسار المتعدد
Manifeste pour la refondation de la gauche plurielle
إن الوضع الوطني العام وما يتسم به من تحكم المخزن ومن اختلالات بنيوية سياسية واجتماعية وأوضاع اقتصادية متردية يدفع بالبلاد في اتجاه أفق مسدود، والممارسة الحزبية في أوساط اليسار وما تتطلبه من تقييم ومراجعة وتصحيح يستلزمان مساءلة حصيلة أزيد من نصف قرن من الاختيارات وممارسات السلطة السياسية الحاكمة من جهة ، كما يتطلب مساءلة الأداء النضالي لقوى اليسار المغربي ومجمل القوى الديمقراطية وما من التباس واتباك من جهة أخرى، لتأهيل هذه القوى لمواجهة كل ما يهدد في العمق المشروع الديمقراطي الذي يجسد طموح الشعب المغربي في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية و المساواة ، ليتمكن المجتمع المغربي من تأهيل إمكانياته و طاقاته السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية لتجاوز عوامل التخلف الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي و الثقافي و تحقيق مجتمع و دولة الديمقراطية .
اليسار المغربي ومهام إعادة التأسيس
في أفق انطلاقة جديدة
واقع اليسار المغربي بكل تشكيلاته يجتاز راهنا أزمة وجود ووضعية هي من أدق وأعقد الأوضاع التي عرفها طوال تاريخه النضالي الزاخر بالعطاءات والمبادرات في شتى الميادين. ولا يشكل ذلك وضعا شاذا أو استثناءا بقدر ما هو أحد تجليات التطورات والتحولات التي تحكم مسار المجتمع والدولة وما يفرزه من قضايا وإشكالات سياسية حقيقية، تطرحها جدلية التطور الذاتي للقوى الديمقراطية والتطور الموضوعي للمجتمع وللدولة، ويبقى استيعابها وحسابها الدقيق هما القاعدة التي على أساسها يتم توليف النتائج الإيجابية لهذه التطورات، وتهميش السلبيات وبالتالي تقديم المسيرة النضالية لليسار المغربي.
إن عدم التحليل والاستيعاب العميق لطبيعة إشكالات الوضع السياسي الاجتماعي وتحديد وفرز التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية التي تتحكم فيها تحديدا علميا واعيا من أجل استنباط الحلول الناجعة، ومن ثم تجاوز الوضع السياسي الاجتماعي القائم والدفع بعجلة التطور نحو الأفضل. إن غياب كل ذلك ومنذ فترة ليست بالقصيرة جعل من عمليات تراكم السلبيات والصراعات الحلقية الضيقة والمشاركة الضعيفة للجماهير الشعبية في الشأن العام والشأن السياسي بشكل خاص، كل ذلك يشكل عناوين لأوضاع لا تبعث على الارتياح، والتي لم تعرف لحد الآن إلا الاتساع والتفاقم.
لهذا يبرز التساؤل الأساسي الذي تستدعي الضرورة الوقوف عنده بجدية هو إشكالية العمل السياسي في المغرب، وضمنها إشكالية التغيير الديمقراطي، حيث وجب الإقرار بأن المعضلة تكمن أساسا في قوى اليسار ذاتها التي تفتقد لمشروع التغيير الديمقراطي وفقا للتحولات الجارية وطنيا وجهويا ودوليا.
انطلاقا من هذا التساؤل الأساسي، فإن الأوضاع التي تعيشها قوى اليسار ، سواء تعلق الأمر بالتفكك التنظيمي أو التناسل إن لم نقل الاستنساخ ، هي تعبير عن أعطاب الديمقراطية في الحياة الداخلية لهذه القوى وعدم مسايرتها للتحولات والتفاعلات التي تعتمل في المجتمع و فقر فكري و سياسي و تنظيمي في علاقتها السياسية بفئات الطبقات الشعبية ، ولا أدل على ذلك من أن أغلب التنظيمات تعيش وضعا متكلسا ينعدم فيه النقاش الديمقراطي الضروري والصريح حول القضايا التي يفرزها الواقع ، وتجتر في أحسن الأحوال تناقضاتها وتتستر على هذا الواقع المأزوم .
وإذا كان ضروريا التذكير والتأكيد على أن اليسار المغربي حقيقة عصية على الاقتلاع سواء من الواقع أو من الذاكرة الجماعية للشعب المغربي ، فإن هذه المسألة تطرح علينا ألا نبقى سجناء أمجاد الماضي النضالي الذي يتعرض للتآكل والتبديد بفعل التمادي في الممارسات الخاطئة ، ومن هذا المنطلق فإننا نعتبر أن ما يواجهه اليسار اليوم في كينونته واستمراريته، هو إشكالية إعادة التأسيس على كافة المستويات لأن أطروحاته الحالية وآليات اشتغاله ما زالت حبيسة الإطار النظري المرجعي لما قبل سقوط جدار برلين وللحركة الوطنية (عجز عن القيام بتحليل ملموس – وفق منهج جدلي – للتحولات التي تبلورت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي و الاشتراكية المطبقة من جهة وعجز عن تجاوز أطروحات الحركة الوطنية كما عجز عن بلورة مشروع مجتمعي ديمقراطي يتجاوز الليبرالية المتخلفة السائدة ) ، مما أفقده منذ عدة عقود الشيء الكثير من قدرته الإبداعية السياسية ، أي القدرة على التشخيص المتمكن وإبداع / بلورة الأفكار الجديدة والحلول انطلاقا من التحليل الملموس للواقع الملموس
.
إن هذا الواقع لا يقدم مشهدا مشجعا، ومع ذلك يجدر بنا أن نبتعد عن التشاؤم، وكذا عن رسم الأهداف الطوباوية المستحيلة، وأن نعمل في كنف الأمل، وذلك بتوفير شروط مناظرات مفتوحة بين قوى اليسار في أفق إعادة تأسيسه ببلورة أجوبة عن الأسئلة التالية:
1 ـ سؤال انتقال المغرب من النظام المخزني إلى النظام الديمقراطي ، لأن أكبر خطر يهدد بلادنا هو أن تتحول إلى مجال يفقد المواطن فيه الثقة في كل شيء، وتصبح ميدانا خصبا لكل أنواع الدجل والدجالين ، والفردانية المتوحشة ، دون أي اعتبار للحق والواجب.
2- سؤال المشروع المجتمعي والبرنامج السياسي ، ذي بعد اقتراحي ومجتمعي شامل لشتى مناحي التغيير المطلوب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .
3- سؤال الأداة ، باستيعاب التجارب الحزبية الوطنية وتلمس القطائع المؤسسة المطلوبة لتجسيدها في نظرية تنظيمية ملائمة ، تستجيب لحاجياتنا الوطنية ورؤيتنا التجديدية في مقاربة المجتمع والعالم وما يعيشه من تحولات ، أداة منخرطة جدليا وعضويا في الديناميات الكفاحية للمواطنين والمواطنات ، قادرة على استيعاب مشاكلها وبلورة حلول ملائمة لها …
4- سؤال المحيط الجهوي والقاري والكوني ، بإعمال الفكر في المنظومات الدولية والجهوية وتحولاتها ، وتأثيرها على مجتمعنا سلبا وإيجابا .
5- سؤال العلاقة مع الحركة النقابية والمنظمات الجماهيرية ونسيج المجتمع المدني بما يضمن استقلالية قرارها ودمقرطتها ووحدتها وانخراطها الجماعي والواعي في مسار النضال الديمقراطي للشعب المغربي في افق تشكيل قوة اجتماعية ديمقراطية مؤثرة في الصراع من أجل الديمقراطية، وإشكالية فصل الوعي الملموس عن الواقع الملموس مما سهل انتشار الفكر و الممارسة الماضويين السلفيين .
6 – سؤال إشكالية النساء والشباب
7- سؤال الثقافة الديمقراطية والمثقفين الديمقراطيين ودورهم و مسؤوليتهم في عملية التغيير الديمقراطي وبشكل خاص أهمية النظرية في الممارسة السياسية ، وإشاعة الفكر الديمقراطي و العقلانية والحداثة .
8- سؤال اللغة والثقافة الأمازيغية وموقعهما في مشروع التغيير الديمقراطي.
هذه بعض من القضايا الجوهرية وما يمكن أن تفتحه من نقاش ديمقراطي يساري جدي وهادف ذي حمولة إعادة تأسيس ضرورية لكي يسترد اليسار المغربي دوره المبادر لإخراج الحياة السياسية ببلادنا من الركود والجمود، فقد أكدت التجربة التاريخية لأكثر من نصف قرن أن اليسار كلما كان مبادرا ومجددا في الحقل السياسي، إلا وانعكس ذلك إيجابيا على مجمل كيان الدولة والمجتمع، وهذا ما تؤشر عليه مبادراته الفكرية والسياسية في حقبة السبعينات والتسعينات من القرن الماضي، وما تولد عنها من تحقيق للعديد من المكتسبات السياسية والاجتماعية.
وأمام ما أصبحت البلاد تواجهه من تحديات داخلية وخارجية في شمال إفريقيا والمنطقة المغاربية خصوصا، تجعل قوى اليسار تحديدا مطالبة بتملك الرؤية الشمولية لتجديد ذاتها ومشروعها، وهي مطالبة بفعلها أن تأخذ على عاتقها مطامح قوى مجتمعية متباينة المصالح لكنها تشترك وإياها في ثوابت ثلاثة:
ـ حس الانتماء للوطن والتشبع بقيم المواطنة.
ـ التطلع لمجتمع ديمقراطي قائم على المشاركة والتعددية وتداول السلطة.
ـ دولة المؤسسات بمرجعية الحق والقانون، والتشبع بقيم التنوير والعقلانية والتسامح والمساواة.
وعليه فإن روح المواطنة والديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية من شأنها أن تشكل عناوين برنامجية لحركة جماهيرية واسعة من الطاقات الديمقراطية لقوى سياسية ومدنية وثقافية من أجل تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي يقطع الطريق على أي مشروع ارتدادي ماضوي مخزني كيفما كانت تحالفاته الداخلية والخارجية.
إن هذا الانشغال بأوضاع اليسار هو تعبير صادق عن الالتزام الذي يعتمل في صفوف العديد من المناضلين والمناضلات بمختلف هيئاتهم وانتماءاتهم ولنداءات ضرورة فتح حوار سياسي منظم بين القوى الديمقراطية التقدمية المغربية من أجل الاتفاق على مبادئ ورؤية سياسية وبرنامج وصيغة متقدمة للعمل المشترك تترجم محصلاته على الساحة السياسية والمجتمعية في أفق تصحيح أخطاء الماضي بإعادة الدينامية للعلاقات النضالية بين مكونات اليسار في جميع مجالات النضال الديمقراطي من منظور تجديد الرؤى وآليات عمل فعالة لاستعادة الطاقات المهدورة والمهمشة و الطاقات النضالية لشباب حركة 20 فبراير كخطوة عملية في سيرورة إعادة تأسيس قوة يسارية ديمقراطية و قوة اجتماعية ديمقراطية ارتكازا على التراكم النظري والعملي المكتسب في التجارب النضالية السابقة .
بهذه الخطوة العملية بمستوياتها المتعددة الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية والممارسة العملية الميدانية يتحدد مستقبل اليسار والصيغ التنظيمية الملائمة كتحصيل حاصل لهذه السيرورة.
وبقدر انشغال المناضلين والمناضلات بأوضاع اليسار المغربي انطلاقا من عدم الرضى على أوضاعه، يجب أن نتطلع إلى أن يرقى اهتمام هيئات ومناضلات ومناضلي كافة مكوناته إلى مستوى الوعي الجمعي لإحداث التحول النوعي الضروري في التفكير والممارسة كمرتكز أساسي لتوحيده المنشود. وهذا ما يتطلب تكسير كافة المعيقات التي تحول دون ذلك وهدم الجدران الوهمية التي تفصل بين المناضلين والمناضلات اليساريين بفعل المواقف المسبقة والجدل العقيم.
الاختيار الديمقراطي الجماهيري المتجدد
إن الديمقراطية ليست ذات بعد واحد، بل تشمل كافة شؤون المجتمع السياسية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية والثقافية، إنها بالقدر الذي تدعو للتفكير والتعاطي مع مسألة السلطة السياسية، فإنها تحتم علينا بالأساس الانطلاق من المجتمع وشؤونه كمجال إنساني لممارسة المشروع الديمقراطي وضمانته حين تغيب كل الضمانات. لأن تغيير طبيعة الدولة في العمق ينطلق من المجتمع، وجوهر الديمقراطية يكمن في ديمقراطية المجتمع، أي في مساواة كل المواطنين والمواطنات في شروط وأوضاع العيش المادي والمعنوي، لأن المساواة في الشروط والأوضاع المجتمعية هي المدخل الأساسي للديمقراطية السياسية، وهذا هو الحد الفاصل بين حرية المواطن المتمثلة في حقوق المواطنة، وبين الاستبداد والاستلاب الذي يفرض على المواطنين وضع الرعايا.
ضمن هذا المنظور فإن مآل الأوضاع العامة متحرك وتغيرها مرتبط بتطورات لا نتحكم فيها وحدنا لا كقوى اليسار، ولا كقوى محلية سياسية واجتماعية وثقافية تناضل من أجل التغيير الديمقراطي، فهذه التطورات مرتبطة بميزان القوى محليا وجهويا وعالميا وبمدى تبلور قوة اجتماعية ديمقراطية شعبية، مما يعني مساهمة مختلف الشعوب على المستويات الجهوية والقارية وعالميا انطلاقا من أوضاعها الخاصة وتجاربها وتاريخها في هذه العملية.
وبحكم تداخل العوامل المحلية والعالمية في عالم اليوم تبرز أهمية الوعي بالتمايز والتفاوت النسبيين بين ما هو وطني وما هو عالمي وتفاعلهما المتبادل لتحديد التحالفات الممكنة دوليا لترجيح شروط التحول الديمقراطي المحلي من منطلق الوعي بالمتغيرات على المستوى الدولي واتجاهات تطورها وانعكاساتها على الأوضاع المحلية.
لقد أكدت التجربة الملموسة، بالإضافة إلى الانتظارات التي يفرزها المجتمع في كل مجالات الشأن العام، أن الاستقلال الوطني والديمقراطية لن يتحققا إلا بتفاعل نقدي مع الرهانات الدولية، لأنه لم يعد بالإمكان الانغلاق على الذات أو الانسياق الأعمى وراء العولمة الرأسمالية. ولقد أبرزت التجربة التاريخية بالنظر إلى موقع المغرب الجغرافي والتأثيرات العالمية، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، أن إمكانيات تغيير النظام السياسي المغربي ممكنة شريطة توفر حركة وقوة ديمقراطية اجتماعية فاعلة.
انطلاقا من هذه المحددات العامة فقد أصبح من اللازم القيام بمراجعة نقدية لأسس الاختيار الديمقراطي كما تم التعاطي معه من طرف الأحزاب الديمقراطية والسلطة السياسية الحاكمة سواء على مستوى التمثل أو مستوى الممارسة، وذلك من أجل بلورة أسس ديمقراطية جديدة أرقى على ضوء متطلبات المرحلة التي تمر منها بلادنا.
لقد تبنت مختلف أحزاب اليسار ، منذ سبعينات القرن الماضي ، استراتيجية النضال الديمقراطي ، كما أن السلطة السياسية الحاكمة مارست انفتاحا سياسيا محدودا بعد سنوات من حالة الاستثناء والاستبداد والحكم المطلق ، و بارتباط مع مستجدات قضية الصحراء آنذاك انخرط المغرب في ما سمي بالمسلسل الديمقراطي، مرورا بما سمي بحكومة التناوب التوافقي وبانتخابات 2007 و2011 التشريعية و2009 الجماعية وانتهاء بانتخابات 2015 الجماعية ، التي عبر من خلالها المواطنون عن فقدانهم الثقة في المؤسسات المنتخبة من خلال اتساع نسبة عدم التسجيل في اللوائح الانتخابية و عدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية ، وفقدانهم – بالاستتباع – الثقة في العمل الحزبي .
إن حصيلة أزيد من أربعين سنة توضح بشكل ساطع:
ـ أن عدم الحسم في مسألة تداول السلطة، وبقاء اشتغال العمل السياسي في حدود التناوب الحكومي، لا يعدو أن يكون في نهاية الأمر إلا تناوبا للأشخاص على التدبير الحكومي الذي يفتقد للسلطة السياسية الفعلية، ومن شأن استمرار هذه الوضعية إدامة السيرورة الانقسامية في الحقل الحزبي وما تحمله من أضرار بالغة على مستقبل بلادنا.
ـ أن السلوك السياسي والمدني الذي أبان عنه الشعب المغربي وقواه الحية إبان انتقال سلطة المُلك والانخراط المسؤول للجماهير الشعبية في النضال الديمقراطي الجماهيري خلال نهوض حركة 20 فبراير هي دروس بليغة لكل دعاة الحجر الاستبدادي على الشعب و منظري ديمقراطية الهامش والقبضة الأمنية ، بما ترجمه هذا السلوك من تشبث بمطالب التغيير الديمقراطي السياسي والاجتماعي والثقافي ، وتأكيد على ملحاحية تحققها في إطار سلمي، مؤسساتي ، محكوم بما تكفله المواثيق والمعاهدات الدولية بشأن الديمقراطية و حقوق الانسان والقوانين المحلية من حقوق فردية وجماعية تضمن الكرامة المادية والمعنوية للمواطن المغربي . وهي دروس سياسية تؤكد أيضا على ضرورة تجاوز الأشكال والرمزيات السلطوية المخزنية وتعويضها بعلاقات ومسلكيات حداثية عصرية تحترم مواطنة الإنسان المغربي وإنسانيته.
انطلاقا من هذه المحددات و من واقع ضعف مشاركة المواطنين في الشأن العام ، فقد أصبح مطروحا ، بإلحاح أكثر من أي وقت مضى ، التطرق إلى/والإجابة عن القضايا التي بقيت غير محسومة ، وجزء منها لا زال يدخل في إطار المسكوت عنه أو “المقدس” الذي يرفض أي نقاش ، لأن هذه المسألة ليست مرتبطة بالوضع الداخلي فحسب ، بل يفرضها استحضار المتغيرات الدولية وانعكاساتها إما سلبا أو إيجابا على عملية التغيير ، بحكم التداخل المتزايد للعوامل المحلية والعالمية في عالم الثورة المعلوماتية ومضاعفاتها ، ومن ثم ضرورة تأهيل بلدنا على كافة المستويات ليكون فاعلا ومنتجا لضمان موقعه المميز في إطار العلاقات والمبادلات الدولية .
ومن القضايا التي تتطلب التداول العلني الصريح والجريء، قضية النظام السياسي الذي نأمل أن يؤطر بلادنا وحياتنا المجتمعية.
ومن منطلق تاريخنا في تميزه ، ما يمكننا من الإمساك بمفاصل بنيوية يتوجب أن يستهدفها التحول التاريخي لكي ننخرط حقا في بناء مجتمع حداثي ديمقراطي ، يتعلق الأمر بواقع طبيعة الدولة التي يمتزج فيها نسق البنيات التقليدية السلطوية الاستبدادية الموروثة بهياكل حديثة شكلية مما يبلور استمرار إنتاج البنيات والعلاقات السياسية والاجتماعية التقليدية في هياكل حداثوية ، قاعدتها الأساس “لا سياسية” يستحيل معها فتح الحقل السياسي لانخراط فاعل للمواطنات و للمواطنين في العمل السياسي و الاجتماعي و الثقافي والقطع مع نسق و بنيات السلطوية الاستبدادية .
وينسحب هذا الواقع على موقع ” الملكية” كمؤسسة في الحقل العام، إذ هي أميل للسيطرة على المجتمع لمصلحتها باعتبارها مصدرا مركزيا للقرار السياسي وتدبيره، وهي لذلك وبسببه تصطدم بالمجتمع وإن تقاطعت معه أحيانا لكونها تضع نفسها بحكم موقعها البنيوي التاريخي موضع طرف مسيطر وإن ادعت التحكيم، وفي واقعنا وتاريخنا المعاصر على الأقل شواهد شتى وبمحطات كبرى ما يثبت ذلك، انتفاضة الريف سنة 1959 وانتفاضات 1965 و81 و84 و90 وحركة 20 فبراير وغيرها.
فالقطيعة المطلوبة لضمان استقرار سياسي مستديم ، وتجاوز تنابذ تاريخي كامن تغذيه الريبة والاحتراز والانزياحات، تكمن أساسا في تجاوز نظام علاقات هيمنة المؤسسة الملكية وخدمة النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية المستندة للزبونية والمحسوبية والترهيب، وبناء علاقات ديمقراطية بين النظام السياسي والمجتمع والقوى السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، ليس عبر تدابير ظرفية للعلاقات السياسية العامة التي لا تلبث أن تحل محلها ضربات قاصمة للمجتمع وقواه الحية النامية لاستعادة التحكم القسري .
والتجسيد الأساس لهذا التجاوز يتمثل جوهريا في الانتقال من الواقع التاريخي القائم على سيطرة المَلكية على المجتمع إلى واقع تاريخي أرقى يتمثل في تحرير المجتمع من هذه السيطرة وبتحويل المَلكية إلى نظام سياسي ديمقراطي. إن تحرير المجتمع من سيطرة النسق السياسي التقليدي هو تعاقد تاريخي ممكن بالقدر الذي يعيد الحياة الوطنية العامة لدائرة السياسة عبر رد الاعتبار للمواطنة ومشاركة واعية للشعب، وبالقدر الذي يرسي قواعد لأدوار سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية فاعلة من المجتمع ولأجله، وهو في نفس الوقت يسمح للملكية بأن تضطلع كمؤسسة وطنية بدورها التحكيمي في إطار عصري مرتبط بالمميزات الوطنية، شفاف، فاعل فيما لا يزج بها كطرف في تدبير الشأن العام والصراع على السلطة.
والقاعدة الأساس لتحرير المجتمع من سيطرة النسق السياسي التقليدي هي السيادة للشعب، سواء من حيث موضعة المؤسسة الملكية في النظام السياسي والأدوار التي ينيطها بها في ضبط توازناته أو علاقاتها بالمؤسسات الأخرى التنفيذية والتشريعية والقضائية في إطار تعاقد دستوري ديمقراطي يستهدف إقرار نظام ديمقراطي.
إن هذا التحول هو الكفيل بإعطاء مسألة تداول السلطة مضمونها الفعلي ، ويساهم في ترسيخ وتخليق الممارسة السياسية لتصبح شأنا عاما يشارك فيه المواطنون و المواطنات من موقع حقهم في تقرير مصيرهم السياسي ، على قاعدة المشاركة والمراقبة والمحاسبة في مختلف المجالات ، وبالتالي انتظام الحقل السياسي حول أحزاب حقيقية يتأسس بينها وبين المواطنين والمواطنات تعاقد على أساس مبادئ وبرامج تتحمل مسؤولية تطبيقها وفق ما يفرزه الاقتراع العام المباشر من نتائج ، لتجاوز منطق الغموض والالتباس الذي يتميز به الفعل السياسي نظرا للتناقض الصارخ بين الأهداف المعلنة والممارسة .
ومن شأن هذا التحول كذلك أن ينمي ثقافتنا الديمقراطية والحداثية وثقافة الدولة لدى المواطنين، بما توليه من أهمية للمصلحة العامة والعلاقات الموضوعية، والتي تختلف عن العلاقات المخزنية المبنية على الديماغوجية والمحسوبية والزبونية.
لقد أصبح ضروريا وغير قابل للتأجيل إحداث القطيعة مع منطق الهامش الديمقراطي الذي تحكم في وعي وممارسة القوى الديمقراطية وآليات اشتغال النظام السياسي، وذلك من منطلق أن بعض المكتسبات الجزئية التي تحققت، وتنامي الانتظارات المجتمعية تتطلب تغييرات جوهرية في طبيعة وبنية الدولة تكون محصلة نقاش مجتمعي يفضي إلى وضع دستور ديمقراطي عصري لدولة الحق والقانون وإقرار نظام سياسي ديمقراطي.
متغيرات الوضع السياسي وأولوياتنا
شكلت نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 7 شتنبر 2007 والانتخابات الجماعية لسنة 2009 زلزالا سياسيا يسائل الجميع، أحزابا سياسية وسلطة سياسية حاكمة، بما أفرزته من مظاهر عزوف المواطنين والنسبة العالية لعدم مشاركتهم في الانتخابات، كتعبير عن فقدانهم الثقة في المؤسسات المنتخبة، هذا فضلا عن تبخيس قيمة العمل السياسي وتفشي شراء الذمم باستعمال المال واستغلال الدين وتنامي نفوذ أعيان السلطة وتجار المخدرات.
كما شكل استمرار خلق أحزاب موالية للسلطة واستغلالها لأجهزة الدولة تأكيدا على مواصلة سياسة إعادة إنتاج صناعة الأحزاب الإدارية وما تحمله من أضرار بالغة على تطور الحقل السياسي على أسس التقاطب السياسي والإيديولوجي والبرنامجي . والأخطر من ذلك، ادعاء ” حزب السلطة الجديد” تجسيده للإرادة الملكية، وبث البلبلة والغموض في الحقل السياسي لمصلحة ما سُمّي ب “الاستبداد المستنير”.
غير أن انطلاق حركة 20 فبراير كامتداد وتفاعل مبدع مع السيرورات الثورية التي عرفها الشارع في المنطقة المغاربية والعربية بعد اندلاع الثورة التونسية، قد فتح إمكانية وضع الأسس الفعلية للتحول الديمقراطي المنشود، من خلال طرح مجموعة من القضايا المسكوت عنها او المتداولة في الدوائر النخبوية في الشارع وأصبحت متداولة بين المواطنين. الا أن أساليب الاحتواء التي نهجها النظام، وضعف انخراط القوى الديمقراطية بقوة في هذه السيرورة حال دون الوصول الى إقرار نظام ديمقراطي يشكل قطيعة مع النسق المخزني، ومع ذلك فإن روح حركة 20 فبراير لا زالت مستمرة وحاضرة بأشكال نضالية متعددة، وتواجه شتى مظاهر النكوص.
ومن تجليات هذا النكوص استعادة المخزن لمبادرة التحكم في كافة مناحي الشأن العام بأساليب جديدة يصوغها الدستور الحالي، وتعمق التبعية لمراكز القرار الرأسمالية ودول الخليج الاستبدادية. وكما يتجلى كذلك في القطبية الثنائية لأداتي المخزن السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات الجماعية ل 4 شتنبر 2015 في أفق التناوب بينهما …
إن الحصيلة المكثفة للسنوات الخمس عشرة الأخيرة يفضي إلى القول بأن ما حملته من مكاسب (هيئة الإنصاف والمصالحة، مدونة الأسرة، الاقرار بالثقافة واللغة الأمازيغية، إزاحة بعض الوجوه كالبصري …)، ليس إلا خطوات إصلاحية خجولة ومترددة لا تملك القوة الدافعة لإطلاق الانتقال الى ديمقراطية فعلية.
وإذا كانت خطوة ما سمي بالتناوب التوافقي قد فشلت في تحقيق متطلبات الانتقال الديمقراطي، تحاول اللوبيات المخزنية والتقليدية -بعد فترة من الانكفاء -السيطرة على مختلف دوائر التقرير والتوجيه والتدبير لشتى مناحي أوجه المصير الوطني. هذا فضلا عن انفلات القوى الماضوية من عقالها وتقاسم الأدوار على صعيد المجتمع سواء عبر الدعوات التكفيرية والعمليات الإرهابية وفوضى “الفتاوي”. كل هذا يتناقض مع تميز الشعب المغربي عبر التاريخ بتدينه المتفاعل مع قيم العصر، وانفتاحه المنتج والفاعل على مختلف الحضارات.
لهذا فإن المميزات التي تطبع الوضعية السياسية الانتقالية التي تمر منها بلادنا ستبقي، على المدى المنظور، الصراع الحاد على عدة مستويات بين المنحى التحديثي والحداثي الذي يطال الدولة والمجتمع على حد سواء من جهة، وبين التوجهات المخزنية والتقليدية المترسبة في الدولة والمجتمع كذلك من جهة ثانية. هذا الوضع يفرض على القوى الديمقراطية وقوى اليسار بالتحديد استيعاب دروس المرحلة والقيام بمراجعة نقدية وتصحيح لأخطائها، لترسيخ الاختيار الديمقراطي الحداثي في الدولة والمجتمع بشكل لا رجعة فيه.
فالحاجة إلى ضمان استقرار البلاد وتطورها في عالم لا يمكن مواكبة تطوره دون مشاركة المواطنين في تقرير مصيرهم أصبح ضرورة موضوعية ، مما يتطلب إعادة تركيب العناصر الوطنية والإقليمية ذات البعد الديمقراطي والتنموي ، المفتوحة على المستقبل والمنفتحة على الغير ، وتجاوز السلفية الفكرية والسياسية ، إذ أن النضال الديمقراطي متعدد الأبعاد يجب أن يكون متوجها نحو ما نؤسس له اليوم ، وما سنحققه في المستقبل بالمشاركة السياسية والاجتماعية والثقافية للمواطنين ، وليس حصره في الماضي البعيد أو في مرحلة المعركة من أجل الاستقلال السياسي . وفي هذا الإطار وضمن هذه الروح الوطنية المتجددة يتحدد البعد الأمازيغي والعربي والإسلامي واليهودي والمتوسطي للهوية الوطنية وجذورها الإفريقية وآفاقها الكونية.
على هذا الأساس، فإن تفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة كإشكالية سياسية تفرض نفسها بإلحاح كمقدمات أولية للقطيعة مع ترسبات الاستبداد والتسلط. كما أن التعاقدات الفوقية والتي تتم في دوائر مغلقة بخصوص الإصلاحات السياسية والدستورية غير كفيلة بإخراج بلادنا من النفق المسدود، بحيث أصبح الأمر يتطلب وضع المواطنين في قلب هذه الانشغالات عبر حوار وطني صريح وشفاف تكون محصِّلته وضع دستور ديمقراطي
.
اليسار وفضاءات النضال الديمقراطي الجماهيري:
إن نهوض حركة جماهيرية واعية، منظمة ومؤطرة من طرف القوى السياسية الحاملة للمشروع الديمقراطي الحداثي، هو وحده الكفيل بتعديل موازين القوى المختلة، وتوفير الشروط المادية والسياسية للانتقال الى الديمقراطية. وهذا النهوض هو بالضبط ما يجب أن يشكل مضمون أية استراتيجية للنضال الديمقراطي الجماهيري يمكننا صياغتها للمرحلة الراهنة، والتي تفرض علينا -كقوى اليسار وانسجاما مع دورنا التاريخي -أن نلعب دورا رئيسيا في إعادة الاعتبار لفضاءات النضال الجماهيري، واستعادة المبادرة في الساحة الفكرية والثقافية والإعلامية، لإحداث الاختراقات النوعية على جميع الجبهات.
ولن يتأتى ذلك إلا بإعادة تأسيس استراتيجية النضال الديمقراطي على ضوء خلاصات ودروس المرحلة السابقة التي كانت محكومة بأفق الهامش الديمقراطي، والتعاقدات الفوقية واختزال الصراع في ثنائية القصر / الحركة الوطنية، والسقوط في الانتخابوية (مع العلم أن واقع اليوم تجاوز هذه الاختزالات) وتنازع المشروعيات. مما يطرح موضعة الاختيار الديمقراطي الجماهيري ضمن أفق جديد بعد انتقال مسؤوليات المُلك نهاية القرن الماضي بتجاوز المسكوت عنه.
ولقد أبانت التجربة أنه كلما تظافرت جهود القوى الديمقراطية وتكاثفت إلا وتحققت مكتسبات. وفي هذا الإطار، يمكن الاستفادة من تجربة الحركة النسائية وعملها الميداني وانصهار كافة مكونات الحركة الديمقراطية في المعركة المرتبطة بمدونة الأسرة وما خلفته من رجّة مجتمعية فرضت تقدما على مستوى المسألة النسائية.
إن تطوير فضاءات النضال المشترك لتشمل كافة المجالات وكل قضايا السكان بارتباط مع المجالس المنتخبة: قضايا النساء، قضايا الشباب والحركة الطلابية، مجال الجبهة الإيديولوجية والثقافية … أصبح يفرض نفسه على قوى اليسار، فعبر هذه الفضاءات يتم بناء علاقات جديدة بين هذه المكونات، وتتم عملية إعادة التأسيس في علاقة جدلية مع قضايا المواطنين والمواطنات.
إن تحقيق هكذا مشروع لخلق دينامية وسط المجتمع والدفع به ليقرر مصيره ويشارك بفعالية في الشأن العام الذي هو شأنه في نهاية المطاف، ولبناء دولة الحق والقانون، دولة الديمقراطية، واقتلاع الاستبداد والفساد، يتطلب كل هذا، إذن، إعادة تأسيس اليسار على قواعد جديدة تساهم في تطويره وتوحيده وضمان فعاليته، ومن شأن ذلك جعل موازين القوى تتغير لصالح الجماهير في اتجاه إحداث التغيير الديمقراطي المأمول. كما يتطلب من قوى اليسار – أفرادا وتيارات وهيئات – الوعي بدقة المرحلة ورهاناتها للانتقال من نظام مخزني سلطوي إلى نظام حداثي ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب يتمتع مواطنوه فعليا بصفة المواطنة الكاملة في فضاء يضمن لهم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة.
18 دجنبر 2015
توقيعات أولية:
محمد الوافي، عبد الرحمان النوضة، عبد الغني القباج، أحمد بوكيوض، محمد بولعيش، عبد الله مديد، سعيدة المطلاوي، حميد مجدي، محمد حجار، الذهبي المشروحي، مصطفى العلواني، محمد البكري، مصطفى روض، عبد المنعم الخيلية، ثورية ضفير، عبد السلام الشفشاوني، عبد العزيز جبيلو، محمد الهاشمي، عزيز علاك، عبد الهادي بلكورداس، مهدي بندريس، مجيد سحنون، عبد القادر حجاري، هشام الهاشمي، محمد العربي عتاق، عدنان العمراني، الحسن أقرقاب، التهامي بقاس، لحسن ملوكي، محمد الادريسي، خديجة عادير، هشام عمري، رضوان مرون، مصطفى سلف، هشام موغادور، محمد سمير، محمد عبد الالاه المهمة، المصطفى وزيف، عبد الالاه صالح،
>ملحوظة:
التوقيعات ما زالت مفتوحة امام المناضلين والمناضلات المتفقين مع مضمون البيان/Manifeste ولتأكيد التوقيع مراسلة البريد الاليكتروني:
Manifeste.refondation.gauche@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق