الجمعة، 18 ديسمبر 2015

لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا

ليست بقندهار....بل المسيرة بالدار البيضاء
وانت تخطو خطواتك الاولى بمنطقة المسيرة -1- يقابلك سوق عشوائي تباع فيه كل الاشياء المستعملة وعلى الارض وض الباعة المتجولون كل ما يمكن بيعه او لايمكن ...
تقابلك وجوه كالحة مصفرة اتى الفقر والغبن والظلم على كل الصفات الادمية فيها فاستحالت الى كائنات تقاتل من اجل ان تعيش.
كنا على موعد مع السيدة خديجة بناني ذات ال5 اطفال والتي تعيش مشردة امام احدى الدور.
كانت الطريق شبه مغلقة بالعربات المجرورة بالاحصنة والحمير والهوندات والدراجات النارية ذات الثلاث عجلات والباعة المتجولون .
لقد اضحى هذا الشعب كله بائعا متجولا وكانه يقايض بعضه البعض.
كانت وسائل النقل تلك تنقل المواطنين والمواطنات من منطقة الى اخرى
وبعضها اخذ مواقعه امام مواقع الانتاج لنقل العمال والعاملات الى منازلهم بعد يوم شاق في العمل.
اتصلنا عدة مرات بالسيدة خديجة لترشدنا الى مكان تواجدنا فالاماكن تشابهت علينا.
وكنا نجادل بعضنا البعض لن تكون هذه الدار البيضاء بل انها اشبه بمدينة طالبانية
كانت الازبال تملا الطرقات وكانت روائح مخلفات البهائم تزكم الانوف.
واقبلت السيدة خديجة تجر وراءها ابنا صغيرا
وتذكرنا السيدة الوزيرة شرفات افيلال التي لم يعجبها تقاعد 2فرنك-8000درهما-
صب الجميع اللعنات الغضب على البرجوازيين القذرين الذين لايهمهم الا ملذاتهم ومصالحهم .
وتذكرنا قصيدة الشاعر معروف الرصافي
لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا

لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا
                   تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا



أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ
                   وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا



بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا
                   وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا



مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا
                   فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَـا



المَوْتُ أَفْجَعَهَـا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا
                   وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَـا



فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا
                   وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَـا



كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَـا
                   فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَـا



وَمَزَّقَ الدَّهْرُ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا
                   حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَـا



تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَـا
                   كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَـتْ زُبَانَاهَـا



حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً
                   كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا



تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا
                   حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَـا



قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْـدَامٍ مُمَزَّقَـةٍ
                   في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَـا



مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا
                   تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَـا



تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ
                   هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَـا



مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا
                   إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَـا



يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ
                   كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَـا



مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ
                   وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَـا



يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَـا
                   تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَـا



وَيْلُمِّهَا طِفْلَـةً بَاتَـتْ مُرَوَّعَـةً
                   وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَـا



تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَـا
                   وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَـا



قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَـا
                   وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَـا

غلبت العبرات المواطنات اللواتي تلتجئ اليهن خديجة وسالت الدموع  من الجميع وهن يطلبن ايجادحل لهذه المواطنة المشردة.
كنا نعود ونحن نحمل الاما وجراحا لوطن اصبح فيه التشرد السمة الغالبة على اهله.
































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق