الاثنين، 11 أبريل 2016

حتى لا تتحول الماركسية الى دجل

حتى لا تتحول الماركسية الى دجل
في العدد الثاني - مارس 2016- من الجريدة الشهرية " الثورة" التي تصدرها رابطة العمل الشيوعي الفرع المغربي للتيار الماركسي الاممي، نشرت مقالا تحت عنوان: حزب الله: هل هو تنظيم ارهابي؟ احتل الصفحات من2 الى 4 من الجريدة والمقال غير موقع وهو ما يجعلنا نتعامل معه كمقال يعبر عن موقف التيار برمته.
لن اناقش هنا هل حزب الله ارهابي ام لا، لان الجواب على وزراء الداخلية العرب سبق وان عبرنا عنه وفيه ادانة لموقف هؤلاء ولسياسية السعودية في المنطقة. ما يهمنا في المقال هو الفقرة الطويلة نسبيا الواردة في الصفحة 4 وهي موجهة الى النهج الديمقراطي بدون ذكر اسمه.لكن استنتاج ذلك لا يتطلب كثيرا من الذكاء.
و لتسهيل متابعة الافكار الواردة في المقال المعني، اسوق الفقرات كما وردت، مما سيجنبنا لاحقا اي ادعاء بأننا قولناهم ما لم يقولوه.
جاء في المقال مايلي:
" اسباب اخطاء اليسار.
لا يمكن للمتتبع لمختلف المواقف التي ينتجها اليسار في منطقتنا إلا ان يستغرب من قدرة قادة هذا اليسار على ارتكاب هذا القدر الهائل من الاخطاء التي يرتكبونها، حتى انهم يرتكبون الاخطاء مع كل كلمة يقولونها او حركة يقومون بها.اخر اخطائهم كان موقفهم من الحراك الثوري الذي شهدته المنطقة، حيث قاموا جميعا بتبني سياسة التعاون الطبقي والتقارب مع مختلف مكونات البرجوازية "المعارضة" خاصة في تونس، لكن كذلك في المغرب ( مع العدل والاحسان )، ولبنان وفلسطين، الخ. وطبيعة الشعارات التي رفعوها لتاطير الحراك والتي ابتعدت ما امكن عن شعار اسقاط الرأسمالية وحسم السلطة من طرف الطبقة العاملة، بحجة عدم نضج الشروط لذلك ومكنوا البرجوازية بذلك من استعادة سيطرتها على الاوضاع مجددا، ثم عادوا الى مكانهم الهامشي.
ان السبب الجوهري وراء كل هذه الاخطاء التي ارتكبوها ويرتكبونها وسيرتكبونها بالتأكيد، هو احتقارهم للنظرية وتبنيهم لفكرة الثورة عبر مراحل. وكلما اكدنا نحن الماركسيين على ضرورة التكوين النظري الصلب للمناضلين، على اساس الماركسية الثورية، كلما ابتسم اصدقاؤنا هؤلاء باحتقار من هذه النزعة "الثقافاتية" و"عبادة النصوص" الخ. لكن الضريبة التي يقدمونها دائما لاحتقارهم للنظرية هي فقدان البوصلة وارتكاب الاخطاء عند انتاج اي موقف مهما كان.
كما ان فكرة الثورة عبر مراحل: مرحلة الثورة البرجوازية ( الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية)، بكونها مرحلة منفصلة قائمة بذاتها، قبل مرحلة الثورة الاشتراكية، وهي الفكرة الستالينية ذات الاصول المنشفية، والتي اودت بالكثير من الثورات طيلة القرن العشرين وأودت بالحراك الثوري الاخير في منطقتنا.
كلما اندلعت ثورة ونهضت الطبقة العاملة لحسم السلطة كلما صاح اصدقاؤنا الظروف الموضوعية للاشتراكية وحسم الطبقة العاملة للسلطة غير متوفرة بعد،
والظروف الذاتية و الوعي غير متوفران بعد، والى ان تتوفر تلك الشروط على الطبقة العاملة و اليساريين ان يكتفوا بثورة توصل " البرجوازية الوطنية" الى السلطة. وفي سبيل ذلك عليهم ان يتحالفوا مع "الجناح التقدمي" "الوطني" "الديمقراطي" من البرجوازية ضد الجناح الرجعي وضد "بقايا الاقطاع" والامبريالية، الخ. وبدل تقسيم الاحزاب والأنظمة على اساس طبقي واضح الى برجوازية او عمالية، يقسمونها الى رجعية وأخرى "ديمقراطية"،"مقاومة" و"ممانعة" وأخرى خائنة ومتخاذلة، اي يستعيضون عن التحديد العلمي بالمفاهيم الاخلاقية والمجردة، وهو ما يجعلهم يتحالفون مع العدل والاحسان في المغرب، ومع النهضة سابقا ومع الليبراليين حاليا في تونس ومع حزب الله وبشار الاسد الخ، الخ.
خاتمة
في هذه الخاتمة نقول لأصدقائنا انه ليس عليهم ان يحزنوا كثيرا لموقف وزراء الداخلية العرب، فالولايات المتحدة الامريكية متفقة معهم وتتعاطف مع موقفهم النبيل المقاوم الممانع(...........)
وماذا ستقولون للعمال والشباب اللبنانيين الذين سيتدخل ضدهم حزب الله عندما سيثورون لإسقاط النظام القائم الرأسمالي الطائفي المتعفن، والذي يعتبر حزب الله جزءا لا يتجزأ منه؟
لا بد ان كل ذلك لا يدخل في اولويات أصدقائنا، لان اغلبهم لا يؤمن بحتمية الثورات الاشتراكية في المدى المنظور، والاخرون يراهنون على النسيان، مثلما يعتقدون ان الشعوب قد نست كل الاخطاء الفادحة الكثيرة التي ارتكبوها في الماضي." انتهى الاقتباس
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
يقول رفاقنا انهم يناقشون اناس لا يمكنهم ان يقولوا اية كلمة إلا وارتكبوا خطأ و لا يمكنهم القيام بممارسة ما إلا وكانت خاطئة، انهم اذا يناقشون اناسا يجسدون الخطأ بلحمه وشحمه.لكن مكر المنطق يرتد على رفاقنا واذا بهم هم انفسهم يجسدون نفس هذا الامر الذي وصفوه، فكل جملهم وأفكارهم خاطئة.
لما اقرا هذا الكم الهائل من الاعطاب النظرية المجمعة في الفقرات اعلاه، يتملكني حزن شديد، و ادرك كم استطاع القمع الذي تعرضت له الحركة الماركسية اللينينية المغربية ان يعرقل ترسيخ بناء الفكر الماركسي في التربة المغربية، لان الساحة بقيت مفرغة، انشغل المناضلون في اولويات الحياة وترميم اوضاعهم الذاتية وسادت اللخبطة والغموض وزاد الطين بلة بماعرفته الساحة الدولية من انكسارات وهجوم على التجربة الاشتراكية. لكن سيكون من الخطأ القاتل الاستمرار اليوم في عدم الانتباه للجبهة الفكرية، وانتاج المعرفة عبر دراسة الواقع الملموس ببلادنا واستخلاص مهام المناضلين من اجل القيام والمساهمة في التغيير الثوري وبرؤية علمية تستند على تحليل الوقائع.وفي هذا يكمن جوابي على رفاقنا في رابطة العمل الشيوعي حين يقولون:" وكلما اكدنا نحن الماركسيين على ضرورة التكوين النظري الصلب للمناضلين، على اساس الماركسية الثورية، كلما ابتسم اصدقاؤنا هؤلاء باحتقار من هذه النزعة "الثقافاتية" و"عبادة النصوص" الخ" اننا لن نحتقركم بل سنناقشكم وسنعتبركم ضمن الاتجاهات الماركسية ولن نصادر هويتكم كما قمتم به انتم لأنكم تناقشون انتم الماركسيون مع "شيحاجة ربما تفوبرتم عليهم بنعتهم يساريين".
لكن النقاش لن يستقيم إلا اذا كان في الملموس، ويرتبط بالواقع والانطلاق من التشكيلة الاجتماعية بالمغرب. لن اتوه في ما سارت اليه الفقرات المقتبسة اعلاه، لأنها تقدم نفسها كخلاصات تنظيم دولي معني بالانجاز العملي للثورة الاشتراكية في المدى المنظور.لن اتوه في مسالة الاممية الماركسية المنشودة اليوم وهو موضوع له مقام آخر.
ان اكبر عيب في ما قدمه رفاقنا هو اعتبارهم ان التحليل العلمي و لا غيره يلزمنا بالقول بان الصراع اليوم هو ما بين البرجوازية من جهة والعمال من جهة ثانية.اما القول بالبرجوازية الوطنية وبقايا الاقطاع فهي اخطاء قاتلة في النظر الى الصراع الدائر بالمنطقة. وعلى اساس رؤيتهم العلمية والتحليل الطبقي فانهم يعتبرون الثورة بالمغرب وغيره من بلدان المنطقة وحتى على الصعيد الدولي هي ثورة اشتراكية ترمي الى الاطاحة بالرأسمالية وبناء سلطة العمال اما من يقول بالثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية في افق الاشتراكية فانه ستاليني ذي النزعة المنشفية.
سبق لي ان ناقشت في مناسبة سابقة، بعض المناضلين في طبيعة الشعار الذي يجب رفعه في حركة 20 فبراير وكيفية صياغة الشعارات وما معنى الطليعة الثورية وما علاقتها بأوسع الجماهير وما هي مسؤوليتها في اجتذاب تلك الجماهير للنضال بمختلف مستوياته وأشكاله. لقد كان نقاشا مثمرا ويمكن ان يتعمق عبر الجدل النضالي. لكن مالعمل اليوم مع رفاقنا في الرابطة الذين يعتبرون ان الشعار السديد ليس هو اسقاط النظام بل هو اسقاط الرأسمالية وبناء سلطة العمال. نعم ان رفاقنا الماركسيون الثوريون لا يمزحون، لقد حملوا النهج الديمقراطي مسؤولية الاجهاز على الثورة الاشتراكية لأنه فاقد للبوصلة وهويتبنى سياسة التعاون الطبقي ومتحالف مع العدل والاحسان. ولما اجهضت الثورة انزوى الى الهامش. انهم لا يمزحون فالنهج الديمقراطي قام بخيانة الثورة الاشتراكية التي كانت مواتية وفي المنظور القريب.مادا تريدون منا ان نفعل يا رفاق هل نضحك ام نبكي؟
يعتقد رفاقنا انهم يقومون بالتحليل الماركسي وأنهم حائزون على اعلى مستويات التكوين النظري، هذا ما هم مقتنعون به حد اصدار احكامهم القاطعة على ان كل من يتبنى الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، لا خلفية نظرية له وهو فاقد للبوصلة وهو ستاليني وذو ميولات منشفية.
يقول المثل من السهل ان تنتبه الى ان فلانا يكذب عليك لكن من الصعب ان تنتبه الى انك تكذب على نفسك، وهو ما ينطبق على رفاقنا: انكم لا تملكون اية خلفية نظرية وعلمية،انكم حفظة نصوص تروتسكي، ولست متأكدا انكم اطلعتم على دراسات قادة تروتسكيين اخرين. والدليل ايها الرفاق، ليست لكم معرفة بالواقع ببلادكم. ليست لكم نظرة علمية للتشكيلة الاجتماعية ببلادكم وما هي الطبقات الاجتماعية المتصارعة، وطبيعة نمط الانتاج السائد ببلادكم. افيقوا من سباتكم ومن دغمائيتكم، وانظروا حولكم وكفوا من التهرب من مشاق البحت العلمي وحتى من دراسة نصوص تروتسكي التي يجب الاسترشاد بها الى جانب قادة ماركسيين اخرين لتساعدكم على فهم الواقع وليس لإدخال الواقع في ثنايا نصوصها. ثقفوا انفسكم حول تاريخ البلشفية والمنشفية ومن كان منشفيا اهو تروتسكي ام ستالين؟ لا تلووا عنق الحقائق التاريخية لأنكم ستصبحون دجالين.
اما المناضلين الدين تهاجمونهم بما عطى الله فانهم انجزوا تحليلا للتشكيلة الاجتماعية وانجزوا تعميقا نظريا لمهامهم كمناضلين وقدموا برامجهم للتحالفات وحاولوا التقدم في المجال الميداني عبر بناء جبهات متنوعة ومتعددة ينجحون تارة ويخطئون تارة لكنهم ينتقدون تجربتهم ويمارسون النقد الذاتي.
وفي الختام انصحكم ان كنتم ستتقبلون النصيحة وهي ضرورة تجاوز النظرة التسطيحية التي تقودكم لاعتبار ان مهمة الثورة الاشتراكية هي مهمة مطروحة للانجاز في المغرب وفي تونس وفي لبنان- اكتشفتم ان في لبنان "رأسمالية طائفية متعفنة" وهذا ابداع لا نعتقد ان رفاقكم في الاممية الرابعة سيقبلونه منكم - ونظرتكم السطحية تلك هي ما جعلكم تحاكمون القوى التي لا تتفق معكم، على انها رجعية لأنها ليست من العمال. وهذا ما يفسر كلامكم حين تعتبرون انفسكم عمال وتعبرون عن العمال. هناك فرق شاسع بين ما يقوله المرء ويدعيه عن نفسه وبين ما هو حاصل في الواقع. انظروا الى تاريخ المغرب المعاصر كم من الشهداء ومن سنوات السجن والمعتقلين ومن التضحيات التي قدمتها العديد من التنظيمات المكافحة لتبني حزب الطبقة العاملة بالمغرب، ولم تنجح لحد الساعة، انظروا الى هذه الحقائق قبل ان تقرروا ان الثورة الاشتراكية هي قيد الانجاز وهي راهنة.
التيتي الحبيب
11 ابريل 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق